حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثالثة التفسيرية

صفحة 439 - الجزء 2

  وقال الكوفيون: الجملة فاعل، ثم قالَ هِشام وتغلب وجماعة: يجوز ذلك في كل جملة نحو: «يُعْجِبُنِي تقوم». وقال الفراء وجماعة: جوازه مشروط بكون المسند إليها قلبيًّا، وباقترانها بأداة مُعلّقة، نحو: «ظهَرَ لِي أقامَ زَيْدٌ»، و «عُلِمَ هَلْ قَعَدَ عَمْرُو» وفيه نظر؛ لأن أداة التعليق بأن تكون مانعة أشبه من أن تكون مجوزة، وكيف تعلق الفعل عما هو منه كالجزء؟ وبعد فعندي أن المسألة صحيحة، ولكن مع الاستفهام خاصة دون سائر المعلقات، وعلى أن الإسناد إلى مضاف محذوف لا إلى الجملة الأخرى؛ ألا ترى


  إن المنايا لا تطيش سهامها

  قوله: (يجوز ذلك) أي: كون الجملة فاعلاً أي أو نائبة في كل جملة، قال الدماميني لا أظن أحداً ينازع في أن المسند إليه لا يكون إلا اسماً فحينئذ يجب حمل كلام هشام ومن معه على أن الجملة مؤولة بمصدر فاعل غايته أنه سبك بدون سابك وله نظائر. قوله: (بكون المسند إليها قلبياً) أي: أن يكون الفعل المسند إلى الجملة. قوله: (ظهر) فعل ماض مبني على الفتح، وقوله أقام زيد فاعل وقوله علم فعل ماض مبني للمجهول، وقوله هل قعد عمرو نائب فاعل قوله: (بأن تكون الخ) أي: كونها مانعة من العمل أشبه من كونها مجوزة له لأنها تمنع من عمل ما قبلها فيما بعدها أي أنها مانعة. من العمل فكيف تكون مجوزة العمل. قوله: (وكيف يعلق الفعل الخ) نظر ثانٍ حاصله سلمنا أن التعليق يقتضي جواز كونها فاعلاً لكن لا نسلم تأتي التعليق هنا أي جوازه لأنه كيف يعلق الفعل عن الفاعل الذي هو كالجزء منه تأمل.

  قوله: (وبعد فعندي الخ) أي: وأقول بعدما تقدم تنبيه فعندي كذا ويمكن أن يكون مراد الفراء ومن ذهب إلى قوله أعني أن الإسناد في التحقيق إلى مضاف محذوف لا إلى الجملة لكن لما حذف المضاف وأقيمت الجملة مقامه جعل الإسناد إليها وتقدير ذلك المضاف مع كون المعلق استفهاماً ما ذكره المصنف، وأما إذا كان غير الاستفهام نحو ظهر لي ما قام زيد فيقال الأصل ظهر لي مضمون ما قام زيد أي ظهر لي انتفاء قيام زيد لأن ذلك هو مضمون تلك الجملة وحمل كلامهم على هذا خير من حمله على ما يؤدي إلى الخروج عن القاعدة المقررة وهو أن المسند إليه لا بد أن يكون اسماً أو ما في تأويله. قوله: (أن المسألة) أي: وهي وقوع الجملة مسنداً إليها في الصورة وظاهر اللفظ. قوله: (إن المسألة) أي: جعل الجملة فاعلاً أو نائب فاعل قوله: (خاصة) أي: لأنه الموجب لتقدير المضاف المسند إليه.

  قوله: (وعلى أن) أي: وبناءً على أن الخ أي فلا بد من وجود أمرين في جوازها ولكن بعد هذا تجد المسألة قد خرجت عن الموضوع وهو جعل الجملة فاعلاً أو نائب فاعل لأن للفاعل هنا مفرد قوله: (الإسناد) أي: إسناد الفعل الذي هو قلبي. قوله: (إلى مضاف محذوف) أي إلى مضاف للجملة محذوف. قوله: (لا إلى الجملة الأخرى) أي: جملة هل قام زيد.