حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثالثة التفسيرية

صفحة 440 - الجزء 2

  أن المعنى ظهر لي جواب «أقام زيد»، أي جواب قول القائل ذلك؟ وكذلك في «علم أقعد عمرو» وذلك لا بُدَّ من تقديره دَفْعاً للتناقض؛ إذ ظهور الشيء والعِلْم به مُنَافِيان للاستفهام المقتضي للجهل به.

  فإن قلت: ليس هذا مما تصحُ فيه الإضافة إلى الجمل.

  قلت: قد مضى لنا عن قريب أن الجملة التي يُراد بها اللفظ يحكم لها بحكم المفردات.

  السابع: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}⁣[البقرة: ١١] زعم ابن عصفور أن البصريين يقدّرون نائب الفاعل في «قيل» ضمير المصدر، وجملة النهي مفسرة لذلك الضمير، وقيل: الظرف نائب عن الفاعل؛ فالجملة في محل نصب، ويُرد بأنه لا تتم الفائدة بالظرف، وبعدمه في {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}⁣[الجاثية: ٣٢] والصواب أن النائب الجملة؛ لأنها كانت قبل حذف الفاعل منصوبة بالقول؛ فكيف انقلبت مفسرة؟ والمفعول به متعيّن للنيابة، وقولهم الجملة لا تكون فاعلاً ولا نائباً عن جوابه أنّ التي يراد بها لفظها يُحكم لها بحكم المفردات ولهذا تقع مبتدأ، نحو: «لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا باللَّهِ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجنَّة»، وفي المثل «زَعَمُوا مَطِيَّةُ الْكَذِبِ» ومن هنا لم يحتج الخبر إلى رابط في نحو: قولي لا إله إلا الله كما لا يحتاج إليه الخبر المفرد الجامد.

  الثامن: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ٩}⁣[المائدة: ٩] لأنّ «وعد» يتعدى لاثنين، وليس الثاني هنا {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ}⁣[المائدة: ٩] لأن


  قوله: (وذلك) أي المضاف قوله: (ليس هذا) أي المضاف المحذوف. قوله: (مما يصح الخ) أي: بل الذي يضاف للجمل إنما هو بعض الظروف المبهمة كيوم وحيث وإذا. قوله: (يحكم لها بحكم المفردات) أي: وحينئذ فذلك المضاف المقدر إنما هو مضاف لمفرد لا لجملة. قوله: (ضمير المصدر) أي: العائد على القول. قوله: (وبعدمه) أي: ويرد بعدم الظرف في قوله، وإذا قيل الخ فإنه ليس فيها ظرف ولو كان الظرف نائب الفاعل لوجب ذكره، وقوله ويرد بأنه لا تتم الفائدة إلا بالمقول فلا يكون نائب الفاعل إلا مقول القول، وقوله بأنه لا تتم الخ أي وشأن نائب الفاعل كالفاعل أن تتم به الفائدة. قوله: (وفي المثل الخ) في هذا إشارة لطيفة إلى التعريض بابن عصفور بأنه كذب في مقالته. قوله: (زعموا مطية الكذب) أي: هذا اللفظ مطية الكذب أي إنك إذا أردت التوصل إلى نسبة الكذب لقوم قلت القوم زعموا كذا فالتعبير بالزعم إشارة إلى نسبتهم للكذب فشبه الزعم بالدابة التي هي المطية التي يتوصل إلى المطلوب بها كما أن زعموا موصلة لنسبة الكذب لقائله.