كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

17 - أخبار وضاح اليمن ونسبه

صفحة 444 - الجزء 6

  أراعك طائر بعد الخفوق ... بفاجعة مشنّعة الطَّروق

  نعم ولها على رجل عميد ... أظلّ كأنني بشرق بريقي

  كأني إذ علمت بها هدوّا ... هوت بي عاصف من رأس نيق⁣(⁣١)

  أعلّ بزفرة من بعد أخرى ... لها في القلب حرّ كالحريق

  وتردف عبرة تهتان أخرى ... كفائض غرب نضّاح فتيق

  كأني إذ أكفكف دمع عيني ... وأنهاها أقول لها هريقي

  ألا تلك الحوادث غبت عنها ... بأرض الشام كالفرد الغريق

  فما أنفكّ أنظر في كتاب ... تداري النفس عنه هوى زهوق⁣(⁣٢)

  يخبّر عن وفاة أخ كريم ... بعيد الغور نفّاع طليق

  وقرم يعرض الخصمان⁣(⁣٣) عنه ... كما حاد البكار عن الفنيق⁣(⁣٤)

  / كريم يملا الشّيزى⁣(⁣٥) ويقري ... إذا ما قلّ إيماض البروق

  وأعظم ما رميت به فجوعا⁣(⁣٦) ... كتاب جاء من فجّ عميق

  يخبّر عن وفاة أخ فصبرا ... تنجّز وعد منّان صدوق

  سأصبر للقضاء فكل حيّ ... سيلقى سكرة الموت المذوق

  فما الدنيا بقائمة وفيها ... من الأحياء ذو عين رموق

  وللأحياء أيّام تقضّى ... يلفّ ختامها سوقا بسوق

  فأغناهم كأعدمهم إذا ما ... تقضّت مدّة العيش الرقيق

  كذلك يبعثون وهم فرادى ... ليوم فيه توفية الحقوق

  أبعد همام قومك ذي الأيادي ... أبى الوضّاح رتّاق الفتوق

  وبعد عبيدة المحمود فيهم ... وبعد سماعة العود العتيق

  وبعد ابن المفضّل وابن كاف ... هما أخواك في الزمن الأنيق

  / تؤمّل أن تعيش قرير عين ... وأين⁣(⁣٧) أمام طلَّاب لحوق⁣(⁣٨)


(١) النيق: أعلى موضع في الجبل.

(٢) الزهوق: الهالك.

(٣) كذا في ب، س، ح. وفي سائر الأصول: «الخصماء». وكلاهما جمع لخصيم.

(٤) البكار: جمع بكر وهو الفتى من الإبل. والفنيق: الفحل المكرم لا يؤذي لكرامته على أهله ولا يركب.

(٥) الشيزى: خشب أسود تعمل منه القصاع. وقد يطلق على ما صنع من ذلك فيقال للجفان شيزى، كما أريد هنا.

(٦) القجوع: الفاجع، فعول للمبالغة.

(٧) كذا في ب، س، ح. وفي سائر الأصول: «وأنت».

(٨) كذا في ح: وفي سائر الأصول «طلاب اللحوق».