أخبار محبوبة
١٩ - أخبار محبوبة
  كانت محبوبة أجمل من فضل
  كانت محبوبة موّلدة من مولدات البصرة، شاعرة شريفة مطبوعة لا تكاد فضل الشاعرة اليمامية أن تتقدمها، وكانت محبوبة أجمل من فضل وأعفّ، وملكها المتوكل وهي بكر، أهداها له عبد اللَّه بن طاهر، وبقيت بعده(١) مدة، فما طمع فيها أحد، وكانت أيضا تغني غناء ليس بالفاخر(٢) البارع.
  أخبرني بذلك جحظة عن أحمد بن حمدون. أخبرني جعفر بن قدامة قال:
  حدثني عليّ بن يحيى المنجم: كان عليّ بن الجهم يقّرب من أنس المتوكل جدّا، ولا يكتمه شيئا من سره مع حرمه وأحاديث خلواته، فقال له يوما: إني دخلت على قبيحة، فوجدتها قد كتبت اسمي على خدّها بغالية(٣)؛ فلا واللَّه ما رأيت شيئا أحسن من سواد تلك الغالية على بياض ذلك الخدّ، فقل في هذا شيئا. قال: وكانت محبوبة حاضرة للكلام من / وراء السّتر، وكان عبد اللَّه بن طاهر أهداها في جملة أربعمائة وصيفة(٤) إلى المتوكل، قال:
  فدعا عليّ بن الجهم بدواة، فإلى أن أتوه بها وابتدأ يفكر، قالت محبوبة على البديهة من غير فكر ولا رويّة:
  وكاتبة بالمسك في الخدّ جعفرا ... بنفسي مخطَّ المسك من حيث أثّرا
  لئن كتبت في الخد سطرا بكفّها ... لقد أودعت قلبي من الحبّ أسطرا
  / فيا من لمملوك لملك يمينه ... مطيع له فيما أسرّ وأظهرا
  ويا من مناها(٥) في السريرة جعفر ... سقى اللَّه من سقيا ثناياك جعفرا
  قال: وبقي عليّ بن الجهم واجما لا ينطق بحرف. وأمر المتوكل بالأبيات، فبعث بها إلى عريب وأمر أن تغنّي فيها، قال علي بن يحيى: قال علي بن الجهم بعد ذلك: تحيّرت واللَّه، وتقلَّبت خواطري، فو اللَّه ما قدرت على حرف واحد أقوله.
  شعرها في تفاحة
  أخبرني جعفر بن قدامة قال: حدثني ابن خرداذبة قال حدثني عليّ بن الجهم: قال كنت يوما عند المتوكل وهو يشرب ونحن بين يديه، فدفع إلى محبوبة تفاحة مغلَّفة فقبّلتها، وانصرفت عن
(١) في هج: «عنده».
(٢) في ف: «غير بارع فاخر».
(٣) الغالية: أخلاط من الطيب.
(٤) ف: «جارية».
(٥) ف: «هواها» بدل «مناها».