كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عطرد ونسبه

صفحة 208 - الجزء 3

  وكنت ليومي نعمة ونكاية ... كما فيهما للنّاس كان المهلَّب

  ألا حبّذا الأحياء منكم وحبّذا ... قبور بها موتاكم حين غيّبوا

  فأمر له يزيد بن حاتم بعشرة آلاف درهم وفرس بسرجه ولجامه وخلعة، وأقسم على من كان بحضرته أن يجيزوه كلّ واحد منهم بما يمكنه، فانصرف بملء يده.

  كان عمرو بن أبي عمرو ينشد من شعره ويستحسنه:

  قال الحزنبل: أنشدني عمرو بن أبي عمرو لابن المولى وكان يستحسنها:

  صوت

  حيّ المنازل قد بلينا ... أقوين⁣(⁣١) عن مرّ السنّينا

  وسل الدّيار لعلَّها ... تخبرك⁣(⁣٢) عن أمّ البنينا

  / بانت وكلّ قرينة ... يوما مفارقة قرينا

  وأخو الحياة من الحيا ... ة معالج غلظا ولينا

  غنّى في هذه الأبيات نبية⁣(⁣٣) خفيف ثقيل بالبنصر.

  وترى الموكَّل بالغوا ... ني راكبا أبدا فنونا

  ومن البليّة أن تدا ... ن بما كرهت ولن تدينا

  والمرء تحرم نفسه ... ما لا يزال به حزينا

  وتراه يجمع ماله ... جمع الحريص لوارثينا

  يسعى بأفضل سعيه ... فيصير ذاك لقاعدينا

  لم يعط ذا النّسب القري ... ب ولم يجد للابعدينا

  قد حلّ منزله الذمي ... م وفارق المتنصّحينا⁣(⁣٤)

  مدح المهدي بولايته الخلافة فأكرمه وفرض له لعياله ما يكفيه:

  قال الحزنبل: وذكر أحمد بن صالح بن النّطَّاح عن المدائنيّ: أن المهديّ لمّا وليّ الخلافة وحجّ فرّق في قريش والأنصار وسائر الناس أموالا عظيمة ووصلهم صلات سنيّة، فحسنت أحوالهم بعد جهد أصاب الناس في أيّام أبيه، لتسرّعهم⁣(⁣٥) مع محمد بن عبد اللَّه بن حسن، وكانت سنة ولايته سنة خصب ورخص، فأحبّه الناس وتبركَّوا به، وقالوا: هذا هو المهديّ، وهذا ابن عمّ رسول اللَّه وسميّه، فلقوه فدعوا له وأثنوا عليه، ومدحته الشعراء، فمدّ


(١) أقوين: أقفرن.

(٢) سكَّن «تخبرك» لضرورة الوزن.

(٣) العرب يسمون بنبيه كزبير وبنبيه كأمير، ولم نستطع ترجيح أحد الضبطين في هذا الاسم.

(٤) التنصح: كثرة النصح ومنه قول أدم بن صيفي: «إياكم والتنصح فإنه يورث التهمة».

(٥) كذا في ح، وفي باقي الأصول: «لتسرحهم» بالحاء، والتسرّح الذهاب.