ذكر مقتل الزبير وخبره
٣ - ذكر مقتل الزبير وخبره
  الزبير وعلي بن أبي طالب
  حدّثنا أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار، وأحمد بن عبد العزيز، عن ابن شبّة قالا: حدثنا المدائنيّ، عن أبي بكر الهذليّ، عن قتادة قال:
  سار أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ~ من الزّاوية(١) يريد طلحة والزّبير وعائشة، وصاروا من الفرضة(٢) يريدونه، فالتقوا عند قصر عبيد اللَّه بن زياد يوم الخميس النصف من جمادى الآخرة سنة ستّ وثلاثين، فلما تراءى الجمعان خرج الزّبير على فرس وعليه سلاحه، فقيل لعليّ ~: هذا الزّبير، فقال: أما واللَّه إنه أحرى الرجلين إن ذكَّر باللَّه أن يذكره، وخرج طلحة، وخرج عليّ # إليهما، فدنا منهما حتى اختلفت أعناق دوابّهم، فقال لهما: لعمري لقد أعددتما خيلا ورجالا(٣)، إن كنتما أعددتما عند اللَّه عذرا فاتّقيا اللَّه ولا تكونا {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً}(٤) ألم أكن أخاكما في دينكما تحرّمان دمي وأحرّم دماءكما؟ فهل من حدث أحلّ لكما دمي؟ فقال له طلحة(٥): ألَّبت الناس على عثمان، فقال: يا طلحة، أتطلبني بدم عثمان؟ فلعن اللَّه قتلة عثمان، يا زبير، أتذكر يوم مررت مع رسول اللَّه ﷺ وآله في بني غنم، فنظر إليّ وضحك، وضحكت إليه، فقلت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال: مه ليس بمزهوّ، ولتقاتلنّه وأنت له ظالم، فقال: اللهمّ نعم، ولو ذكَّرت ما سرت مسيري هذا، واللَّه لا أقاتلك أبدا. وانصرف عليّ ~ إلى أصحابه وقال: أما الزّبير فقد أعطى اللَّه عهدا ألَّا يقاتلني.
  / قال: ورجع الزبير إلى عائشة فقال لها: ما كنت في موطن مذ عقلت إلَّا وأنا أعرف فيه أمري غير موطني هذا، قالت: وما تريد أن تصنع؟ قال: أدعهم وأذهب، فقال له ابنه عبد اللَّه: أجمعت بين هذين الغارين(٦) حتى إذا حدّد بعضهم لبعض أردت أن تذهب وتتركهم؟ أخشيت(٧) رايات ابن أبي طالب وعلمت أنّها تحملها فتية أنجاد.
  فأحفظه، فقال: إني حلفت ألَّا أقاتله. قال: كفّر عن يمينك وقاتله، فدعا غلاما له يدعى مكحولا فأعتقه، فقال عبد الرحمن بن سليمان التيميّ:
  لم أر كاليوم أخا إخوان(٨) ... أعجب من مكفّر الأيمان
(١) الزاوية: عدة مواضع، منها موضع قرب البصرة.
(٢) في ب: «الفريضة».
(٣) في «التجريد»: «وسلاحا».
(٤) النحل ٩٢.
(٥) في «التجريد»: «فقالا: ألبت ...».
(٦) الغار: الجيش الكثير. وفي ب: «العارين».
(٧) في بيروت: «أحسست».
(٨) في «التجريد»: «أخا خوان».