أخبار الأعشى وبني عبد المدان وأخبارهم مع غيره
  
١ - أخبار الأعشى وبني عبد المدان، وأخبارهم مع غيره(١)
  كان الأعشى قدريّا ولبيد مجبرا
  أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدّثنا أحمد بن الهيثم بن فراس قال حدّثنا العمريّ عن الهيثم بن عديّ عن حمّاد الراوية عن سماك بن حرب عن يونس بن متّى راوية الأعشى قال:
  كان لبيد مجبّرا(٢) حيث يقول:
  من هداه سبل الخير اهتدى ... ناعم البال ومن شاء أضلّ
  وكان الأعشى قدريّا(٣) حيث يقول:
  /
  استأثر اللَّه بالوفاء(٤) وبال ... عدل وولَّى الملامة الرّجلا
  فقلت له: من أين [أخذ](٥) هذا؟ فقال: أخذه من أساقفة نجران. وكان يعود في كلّ سنة إلى بني عبد المدان، فيمدحهم ويقيم عندهم يشرب الخمر معهم وينادمهم، ويسمع من أساقفة نجران قولهم؛ فكلّ شيء في شعره من هذا فمنهم أخذه.
(١) في ب، س: «وأخباره مع غيرهم». ولم يرد هاهنا من أخبار الأعشى مع غير بني عبد المدان شيء؛ وكل ما ورد من أخباره مع بني عبد المدان أنه كان يفد إليهم كل سنة فيمدحهم ويقيم عندهم يشرب الخمر. وفي الأصول الخطية: «وأخباره مع غيره». وقد صححنا العنوان بما يلائم الوارد هنا.
(٢) المجبر: الذي يقول بالجبر، وهو عند أهل الكلام إسناد أفعال العبد إلى اللَّه سبحانه إيجادا وتأثيرا. ويقول الجبرية: إنه لا قدرة للعبد أصلا لا مؤثرة ولا كاسبة، بل هو بمنزلة الجمادات فيما يوجد منها.
(٣) في الأصول هنا: «مثبتا» وهو تحريف؛ فإن المثبت من يثبت القدر، وهو تحديد كل مخلوق بحده الذي يوجد عليه من حسن وقبح ونفع وضرر، وما يحويه من زمان ومكان، وما يترتب عليه من ثواب وعقاب؛ ومآل ذلك إلى الجبر؛ فالمثبت والمجبر سواء. وقد ورد في «ترجمة الأعشى» (ج ٩ ص ١١٣ من هذه الطبعة): «كان الأعشى قدريا وكان لبيد مثبتا».
والقدري: من ينكر القدر أي ينكر أن يكون اللَّه قد قدّر على عباده شيئا من خير أو شر، وإنما ذلك موكول إلى إرادتهم وقدرتهم؛ فمن عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها. وفي كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوى نقلا عن شرح المواقف: «والقدر يطلق عند أهل الكلام على إسناد أفعال العباد إلى قدرتهم؛ ولذا يلقب المعتزلة بالقدرية».
(٤) كذا في «ديوان شعر الأعشى» وفي «ترجمة الأعشى» فيما تقدّم (جزء ٩). وفي ج: «بالربا» وفي الأصول هنا: «بالبقاء».
(٥) زيادة عن ترجمة الأعشى فيما مضى.