5 - أخبار إسماعيل بن الهربذ
٥ - أخبار إسماعيل بن الهربذ
  ولاؤه، وقد غنى الوليد وعمر إلى آخر أيام الرشيد
  : إسماعيل بن الهربذ مكيّ مولَّى لآل الزّبير بن العوّام، وقيل: بل هو مولى بني كنانة. أدرك آخر أيام بني أميّة وغنّى للوليد بن يزيد، وعمّر إلى آخر أيام الرشيد.
  قدم على الرشيد وعنده بعض كبار المغنين فأطربه دونهم
  : أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه عن عبد اللَّه بن أبي سعد عن محمد بن عبد اللَّه بن مالك الخزاعيّ عن أبيه:
  أن إسماعيل بن الهربذ قدم على الرشيد من مكة، فدخل إليه وعنده ابن جامع وإبراهيم وابنه إسحاق وفليح وغيرهم والرشيد يومئذ خاثر(١) به خمار شديد؛ فغنّى ابن جامع ثم فليح ثم إبراهيم ثم إسحاق، فما حرّكه أحد منهم ولا أطربه؛ فاندفع ابن الهربذ يغنّي، فعجبوا من إقدامه في تلك الحال على الرشيد، فغنّى:
  صوت
  يا راكب العيس التي ... وفدت من البلد الحرام
  قل للإمام ابن الإما ... م أخي الإمام أبي الإمام
  زين البريّة إذ بدا ... فيهم كمصباح الظلام
  جعل الإله الهربذيّ ... فداك من بين الأنام
  - الغناء لابن الهربذ رمل بالوسطى عن عمرو - قال فكاد الرشيد يرقص، واستخفّه الطرب حتى ضرب بيديه ورجليه، ثم أمر له بعشرة آلاف درهم، فقال له: يا أمير المؤمنين، إن لهذا الصوت حديثا، فإن أذن مولاي حدّثته به؛ فقال: حدّث. قال: كنت مملوكا لرجل من ولد الزّبير، فدفع إليّ درهمين أبتاع / له بهما لحما، فرحت فلقيت جارية على رأسها جرّة مملوءة من ماء العقيق(٢) وهي تغنّي هذا اللحن في شعر غير هذا الشعر على وزنه ورويّه؛ فسألتها أن تعلَّمنيه؛ فقالت: لا وحقّ القبر(٣) إلَّا بدرهمين؛ فدفعت إليها الدرهمين وعلَّمتنيه؛ فرجعت إلى مولاي
(١) خثرت نفسه: غثت واختلطت.
(٢) العقيق: واد بناحية المدينة فيه عيون ونخيل.
(٣) تريد قبر رسول اللَّه ﷺ.