كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

5 - أخبار إسماعيل بن الهربذ

صفحة 76 - الجزء 7

٥ - أخبار إسماعيل بن الهربذ

  ولاؤه، وقد غنى الوليد وعمر إلى آخر أيام الرشيد

  : إسماعيل بن الهربذ مكيّ مولَّى لآل الزّبير بن العوّام، وقيل: بل هو مولى بني كنانة. أدرك آخر أيام بني أميّة وغنّى للوليد بن يزيد، وعمّر إلى آخر أيام الرشيد.

  قدم على الرشيد وعنده بعض كبار المغنين فأطربه دونهم

  : أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه عن عبد اللَّه بن أبي سعد عن محمد بن عبد اللَّه بن مالك الخزاعيّ عن أبيه:

  أن إسماعيل بن الهربذ قدم على الرشيد من مكة، فدخل إليه وعنده ابن جامع وإبراهيم وابنه إسحاق وفليح وغيرهم والرشيد يومئذ خاثر⁣(⁣١) به خمار شديد؛ فغنّى ابن جامع ثم فليح ثم إبراهيم ثم إسحاق، فما حرّكه أحد منهم ولا أطربه؛ فاندفع ابن الهربذ يغنّي، فعجبوا من إقدامه في تلك الحال على الرشيد، فغنّى:

  صوت

  يا راكب العيس التي ... وفدت من البلد الحرام

  قل للإمام ابن الإما ... م أخي الإمام أبي الإمام

  زين البريّة إذ بدا ... فيهم كمصباح الظلام

  جعل الإله الهربذيّ ... فداك من بين الأنام

  - الغناء لابن الهربذ رمل بالوسطى عن عمرو - قال فكاد الرشيد يرقص، واستخفّه الطرب حتى ضرب بيديه ورجليه، ثم أمر له بعشرة آلاف درهم، فقال له: يا أمير المؤمنين، إن لهذا الصوت حديثا، فإن أذن مولاي حدّثته به؛ فقال: حدّث. قال: كنت مملوكا لرجل من ولد الزّبير، فدفع إليّ درهمين أبتاع / له بهما لحما، فرحت فلقيت جارية على رأسها جرّة مملوءة من ماء العقيق⁣(⁣٢) وهي تغنّي هذا اللحن في شعر غير هذا الشعر على وزنه ورويّه؛ فسألتها أن تعلَّمنيه؛ فقالت: لا وحقّ القبر⁣(⁣٣) إلَّا بدرهمين؛ فدفعت إليها الدرهمين وعلَّمتنيه؛ فرجعت إلى مولاي


(١) خثرت نفسه: غثت واختلطت.

(٢) العقيق: واد بناحية المدينة فيه عيون ونخيل.

(٣) تريد قبر رسول اللَّه .