كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

سعيد بن عبد الرحمن

صفحة 409 - الجزء 8

  ٨ - أخبار سعيد بن عبد الرحمن

  سعيد بن عبد الرحمن ومنزلته في الشعر

  : وقد مضى نسبه في نسب جدّه حسّان بن ثابت متدّما. وهو شاعر من شعراء الدولة الأمويّة، متوسّط في طبقته ليس معدودا في الفحول. وقد وفد إلى الخلفاء من بني أميّة فمدحهم ووصلوه. ولم تكن له نباهة أبيه وجدّه.

  وفد على هشام فلم ينل منه ودعاه الوليد فأكرمه

  : أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدّثني أحمد بن الهيثم بن فراس قال حدّثني أبو عمرو الخصّاف عن العتبيّ قال:

  خرج سعيد بن عبد الرحمن بن حسّان مع جماعة من قريش إلى الشأم في خلافة هشام بن عبد الملك، وسألهم معاونته، فلم يصادفوا من هشام له نشاطا. وكان الوليد بن يزيد قد طلَّق امرأته العثمانيّة ليتزوّج أختها، فمنعه هشام عن ذلك ونهى أباها أن يزوّجه. فمرّ يوما بالوليد وقد خرج من داره ليركب؛ فلما رآه وقف؛ فأمر به الوليد فدعي إليه؛ فلما جاءه قال: أنت ابن عبد الرحمن بن حسّان؟ قال: نعم أيها الأمير. فقال له: ما أقدمك؟ قال: وفدت على أمير المؤمنين منتجعا ومادحا ومستشفعا بجماعة صحبتهم من أهله، فلم أنل منه خطوة ولا قبولا. قال: لكنك تجد عندي ما تحبّ، فأقم حتى أعود. فأقام ببابه حتى دخل إلى هشام وخرج من عنده؛ فنزل ودعا بسعيد، فدخل إليه، فأمر بتغيير هيئته وإصلاح شأنه؛ ثم قال له: أنشدني قصيدة بلغتني لك فشوّقتني إليك، وغنّيت في بعضها، فلم أزل أتمنّى لقاءك. فقال: أيّ قصيدة أيها الأمير؟ قال قولك:

  أبائنة سعدى ولم توف بالعهد ... ولم تشف قلبا تيّمته على عمد

  / نعم أفمود أنت إن شطَّت النّوى ... بسعدى وما من فرقة الدهر من ردّ⁣(⁣١)

  كأن قد رأيت البين لا شيء دونه ... فم الآن أعلن ما تسرّ من الوجد

  لعلك منها بعد أن تشحط النّوى ... ملاق كما لاقى ابن عجلان⁣(⁣٢) من هند

  فويل ابن⁣(⁣٣) سلمى خلَّة غير أنها ... تبلَّغ منّي وهي مازحة جدّي

  / وتدنو لنا في القول وهي بعيدة ... فما إن بسلمى⁣(⁣٤) من دنوّ ولا بعد


(١) في أ، م: «من بدّ».

(٢) هو عبد اللَّه بن عجلان بن عبد الأحب بن عامر بن كعب، جاهليّ يضرب به المثل في العشق. وهند هي بنت كعب بن عمرو بن الليث النهدي، تتصل بعبد اللَّه هذا في النسب. (انظر قصتهما مطوّلة في كتاب «تزيين الأسواق» ج ١ ص ٩٠، و «الأغاني» ج ١٩ ص ١٠٢ طبع بلاق).

(٣) كذا في الأصول. ولعله «فويل أم سلمى إلخ» أو «فيا ويل سلمى».

(٤) كذا في ج وفي سائر الأصول. «فما أن تسلى».