أخبار أحمد بن صدقة
٢١ - أخبار أحمد بن صدقة
  اسمه ونسبه ونشأته
  / هو أحمد بن صدقة بن أبي صدقة، وكان أبوه حجازيّا مغنيّا، قدم على الرشيد، وغنى له، وقد ذكرت أخباره في صدر هذا الكتاب.
  وكان أحمد بن صدقة طنبوريّا محسنا مقدّما حاذقا حسن الغناء محكم الصنعة، وله غناء كثير من الأرمال والأهزاج وما جرى مجراها من غناء الطَّنبوريّين، وكان ينزل الشام، فوصف للمتوكل، فأمر بإحضاره، فقدم عليه وغناه، فاستحسن غناءه، وأجزل صلته، واشتهاه الناس وكثر من يدعوه، فكسب بذلك أكثر مما كسبه مع المتوكل أضعافا.
  جحظة يشيد به
  أخبرني بذلك جحظة وقال:
  كانت له صنعة ظريفة كثيرة ذكر منها الصوت المتقدّم ذكره ووصفه وقرّظه، وذكر بعده هذا الصوت:
  وشادن ينطق بالظَّرف ... حسن حبيبي منتهى الوصف
  هام فؤادي وجرت عبرتي(١) ... لا بعد الإلف من الإلف
  قال: وهو رمل مطلق، ولو حلفت أنهما ليسا عند أحد من مغنّي زماننا إلَّا عند واحد ما حنثت - يعني نفسه.
  خبره مع خالد بن يزيد
  حدثني محمد بن مزيد قال: حدثنا حماد بن إسحاق قال: حدثني أحمد بن صدقة قال:
  اجتزت بخالد بن يزيد الكاتب، فقلت له: أنشدني بيتين من شعرك حتى أغنّي فيهما. قال: وأيّ حظ لي في ذلك؟ تأخذ أنت الجائزة وأحصّل أنا الإثم! / فحلفت له أني إن أفدت بشعرك(٢) فائدة جعلت لك(٣) فيها حظا، أو أذكرت به الخليفة، وسألته فيك، فقال: أما الحظ من جهتك فأنت أنزل(٤) من ذلك، ولكن عسى أن تفلح في مسألة الخليفة، ثم أنشدني:
  تقول سلا فمن المدنف ... ومن عينه أبدا تذرف؟
(١) هج: «وجرت أدمعي».
(٢) في ب، س: «بشعره».
(٣) في س، ب: «له».
(٤) في ف: «أنذل».