أخبار عبد الله بن جحش
١٠ - أخبار عبد اللَّه بن جحش
  طلاق صهباء من ابن عمها
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ، قال: حدّثنا عمر بن شبّة، قال: حدّثني محمد بن يحيى أبو غسّان، عن غسّان بن عبد الحميد قال:
  كان بالمدينة امرأة يقال لها: صهباء من أحسن الناس وجها، وكانت من هذيل، فتزوّجها ابن عمّ لها، فمكث حينا معها لا يقدر عليها من / شدّة ارتتاقها، فأبغضته وطالبته بالطَّلاق، فطلَّقها. ثم أصاب الناس مطر شديد في الخريف، فسال العقيق سيلا عظيما، وخرج أهل المدينة، وخرجت صهباء معهم، فصادفت عبد اللَّه بن جحش وأصحابه في نزهة، فرآها وافترقا.
  يهيم بصهباء ويتقدم لخطبتها
  ثم مضت إلى أقصى الوادي فاستنقعت في الماء وقد تفرّق النّاس وخفّوا، فاجتاز بها ابن جحش فرآها فتهالك عليها وهام بها، وكان بالمدينة امرأة تدلّ على النّساء يقال لها: قطنة، كانت تداخل القرشيّات وغيرهن، فلقيها ابن جحش فقال لها: اخطبي عليّ صهباء، فقالت: قد خطبها عيسى بن طلحة بن عبيد اللَّه وأجابوه، ولا أراهم يختارونك عليه، فشتمها ابن جحش وقال لها: كلّ مملوك له فهو حرّ، لئن لم تحتالي فيها حتى أتزوّجها لأضربنّك ضربة بالسيف - وكان مقداما جسورا - ففرقت منه فدخلت على صهباء وأهلها، فتحدّثت معهم، ثم ذكرت ابن عمّها، فقالت لعمة صهباء: ما باله فارقها، فأخبرتها خبرها، وقالت: لم يقدر عليها وعجز عنها. فقالت لها:
  وأسمعت صهباء -: إنّ هذا ليعتري كثيرا من الرجال فلا ينبغي أن تتقدّموا في أمرها إلا على من تختبرونه، وأما واللَّه لو كان ابن جحش لصهباء / لثقبها ثقب اللَّؤلؤ ولو رتقت بحجر، ثم خرجت من عندهم.
  زواجه بصهباء
  فأرسلت إليها صهباء: مري ابن جحش فليخطبني، فلقيته قطنة فأخبرته الخبر، فمضى فخطبها، فأنعمت له(١) وأبى أهلها إلا عيسى بن طلحة، وأبت هي إلا ابن جحش، فتزوّجته ودخل بها وافتضّها، وأحبّ كلّ واحد منهما صاحبه فقال فيها:
  نعم الضّجيع إذا النّجوم تغوّرت ... بالغور أولاها على أخراها
  عذب مقبّلها وثير ردفها ... عبل شواها طيّب مجناها
  صفراء يطويها الضجيع لجنبها ... طيّ الحمالة ليّن متناها(٢)
(١) أنعمت له: قالت: نعم.
(٢) ب: «لحينها» بدل «لجنبها». وفي التجريد: «لحسنها». وفي ف: «مثناها» بدل «متناها». (وانظر ص ٢١١).