كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عروة بن الزبير

صفحة 155 - الجزء 17

  ٢٠ - [من أخبار عروة بن الزبير]

  غضبه لوقوع قوم في أخيه عبد اللَّه بمجلس عبد الملك بن مروان

  أخبرنا الطوسيّ والحرميّ بن أبي العلاء، قالا: حدثنا الزبير، قال: حدثنا مصعب بن عثمان، عن عامر بن صالح، عن هشام بن عروة، قال:

  قدم عروة بن الزبير على عبد الملك بن مروان، فدخل فأجلسه معه على السرير، فجاء قوم فوقعوا في عبد اللَّه بن الزبير، فخرج عروة فقال للآذن: إنّ عبد اللَّه بن الزّبير ابن أميّ وأبي، فإذا أردتم أن تقعوا فيه فلا تأذنوا لي عليكم.

  فذكر ذلك لعبد الملك بن مروان، فقال له عبد الملك: قد أخبرني الآذن بما قلت، وإنّ أخاك لم يكن قتلنا إياه لعداوة، ولكنه طلب أمرا وطلبناه فقتل دونه، وإنّ الشام قوم من أخلاقهم ألا يقتلوا أحدا إلَّا شتموه، فإذا أذنّا لأحد قبلك فقد جاء من يشتمه فلا تدخل، وإذا أذنا لأحد وأنت جالس فانصرف.

  قدومه على الوليد بن عبد الملك حين شلت رجله

  ثم قدم عروة على الوليد بن عبد الملك حين شلَّت رجله، فقيل له: اقطعها، قال: إني لأكره أن أقطع منّي طابقا، فارتفعت إلى الركبة، فقيل له: إنها إن وقعت في الركبة قتلتك، فقطعت، ولم يقبض وجهه. وقيل له / قبل أن يقطعها: نسقيك دواء لا تجد معه ألما، فقال: ما يسعني أنّ هذا الحائط وقاني أذاها.

  مقتل ابنه محمد

  قال الزّبير: وحدّثني مصعب بن عثمان بن عامر، عن صالح، عن هشام بن عروة، قال:

  سقط محمد بن عروة بن الزّبير - وأمه بنت الحكم بن أبي العاص بن أمية - من سطح في اصطبل دوابّ الوليد ابن عبد الملك، فضربته بقوائمها حتى قتلته، فأتى عروة رجل يعزّيه، فقال عروة: إن كنت تعزّيني برجلي / فقد احتسبتها، فقال: بل أعزّيك بمحمد، قال: وما له؟ فخبّره بشأنه؛ فقال⁣(⁣١):

  وكنت إذا الأيّام أحدثن نكبة⁣(⁣٢) ... أقول شوّى ما لم يصبن صميمي⁣(⁣٣)

  اللهم أخذت عضوا وتركت أعضاء، وأخذت ابنا وتركت أبناء، فإنك إن كنت أخذت لقد أبقيت، وإن كنت ابتليت لقد عافيت.


(١) «اللسان» (شوى)، ونسبه للبريق الهذلي.

(٢) كذا في ج و «بيروت»، وفي ب، س: «مالكا».

(٣) الشوى: الشيء الهين، وفي ب، س، «بيروت»: «حميمي».