كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار بيهس ونسبه

صفحة 362 - الجزء 22

١٣ - أخبار بيهس ونسبه

  اسمه ونسبه

  بيهس بن صهيب بن عامر بن عبد اللَّه بن نائل بن مالك بن عبيد بن علقمة بن سعيد بن كثير بن غالب بن عديّ ابن بيهس بن طرود بن قدامة بن جرم بن ربّان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة.

  ويكنى أبا المقدام: شاعر فارس شجاع، من شعراء الدولة الأموية، وكان يبدو⁣(⁣١) بنواحي الشام مع قبائل جرم وكلب وعذرة، ويحضر إذا حضروا، فيكون بأجناد الشام، وكان مع المهلب بن أبي صفرة في حروبه للأزارقة، وكانت له مواقف مشهورة وبلاء حسن، وبعض أخباره في ذلك يذكر بعقب أخباره في هذا الشعر.

  من هي صفراء

  وقد اختلف الرواة في أمر صفراء التي ذكرها في شعره هذا، فذكر القحذميّ أنها كانت زوجته وولدت له ابنا، ثم طلقها، فتزوجت رجلا من بني أسد، وماتت عنده، فرثاها. وذكر أبو عمرو الشيباني أنها كانت بنت عمّه دنية⁣(⁣٢)، وأنه كان يهواها، فلم يزوّجها، وخطبها الأسديّ، وكان موسرا، فزوّجها.

  قال أبو عمرو: وكان بيهس بن صهيب الجرميّ يهوى امرأة من قومه، يقال لها، صفراء بنت عبد اللَّه بن عامر بن عبد اللَّه بن نائل، وهي بنت عمه دنية، وكان يتحدث إليها، ويجلس في بيتها، ويكتم وجده بها، ولا يظهره لأحد، ولا يخطبها لأبيها؛ لأنه كان صعلوكا لا مال له، فكان ينتظر أن يثرى، وكان من أحسن الشباب وجها وشارة وحديثا وشعرا، فكان نساء الحيّ يتعرّضن له، ويجلسن إليه ويتحدثن معه، فمرت به صفراء، فرأته جالسا مع فتاة منهن، فهجرته زمانا لا تجيبه إذا دعاها، ولا تخرج إليه إذا زارها، / وعرض له سفر، فخرج إليه، ثم عاد، وقد زوّجها أبوها رجلا من بني أسد، فأخرجها، وانتقل عن دارهم بها، فقال بيهس بن صهيب:

  سقى دمنة صفراء كانت تحّلها ... بنوء الثّريّا طلَّها وذهابها⁣(⁣٣)

  وصاب عليها كلّ أسحم هاطل ... ولا زال مخضرّا مريعا جنابها⁣(⁣٤)

  أحبّ ثرى أرض إليّ وإن نأت ... محلَّك منها نبتها وترابها⁣(⁣٥)


(١) يبدو: يسكن البادية.

(٢) دنيه: يقال: هو ابن عمي دنية أو دنيا: قريب لاصق.

(٣) الدمنة: ما بقي من آثار الدور ونحوها، جملة

«صفراء كانت تحلها»

صفة «دمنة» طلها: فاعل سقي، الذهاب: جمع ذهبة، وهي المرة من المطر، نوء الثريا: مطرها، وفي هد، هج: «نجاء الثريا» ولم نجد له معنى، وفي ف: «لحا الثريا» ويختل به وزن البيت.

(٤) صاب المطر ونحوه: أنصب، أسحم: أسود، يريد الغمام الأسود، لأنه أغزر مطرا.

(٥) أحب: خبر مبتدأ محذوف تقديره «هي» يعود على الدمنة،

«محلك منها ...

الخ «كلام مستأنف يعلل به سبب الحب، وفي ف:

محلك أرضا «بدل» محلك منها.