عبد قيس بن خفاف البرجمي
  هذه أخبار عنترة قد ذكرت فيها ما حضر.
  ٦ - نبذة عن عبد قيس بن خفاف البرجمي
  : وأمّا عبد قيس بن خفاف البرجميّ فإنّي لم أجد له خبرا أذكره إلَّا ما أخبرني به جعفر بن قدامة قال: قرأت في كتاب لأبي عثمان المازنيّ: كان عبد قيس بن خفاف البرجميّ أتى حاتم طيّئ في دماء حملها عن قومه فأسلموه فيها وعجز عنها، فقال: واللَّه لآتينّ من يحملها عنّي، وكان شريفا شاعرا شجاعا؛ فقدم على حاتم وقال له: إنه وقعت بيني وبين قومي دماء فتواكلوها، وإني حملتها في مالي وأهلي، فقدّمت مالي وأخّرت أهلي، وكنت أوثق الناس في نفسي. فإن تحمّلتها فكم من حقّ قضيته وهمّ / كفيته، وإن حال دون ذلك حائل لم أذمم يومك ولم أنس غدك؛ ثم أنشأ يقول:
  حملت دماء للبراجم جمّة ... فجئتك لمّا أسلمتني البراجم
  وقالوا سفاها لم حملت دماءنا ... فقلت لهم يكفي الحمالة حاتم
  متى آته فيها يقل لي مرحبا ... وأهلا وسهلا أخطأتك الأشائم
  فيحملها عنّي وأن شئت زادني ... زيادة من حيزت إليه المكارم
  يعيش النّدى ما عاش حاتم طيّئ ... وإن مات قامت للسخاء مآتم
  ينادين مات الجود معك فلا نرى ... مجيبا له ما حام في الجوّ حائم
  وقال رجال أنهب العام ماله ... فقلت لهم إنّي بذلك عالم
  ولكنه يعطى من أموال طيّئ ... إذا حلق المال الحقوق اللَّوازم
  / فيعطي الَّتي فيها الغنى وكأنه ... لتصغيره تلك العطيّة جارم
  بذلك أوصاه عديّ(١) وحشرج ... وسعد وعبد اللَّه تلك القماقم
  فقال له حاتم: إني كنت لأحبّ أن يأتيني مثلك من قومك، وهذا مرباعي(٢) من الغارة على بني تميم فخذه وافرا، فإن وفى بالحمالة وإلا أكملتها لك، وهي مائتا بعير سوى نيبها(٣) وفصالها، مع أنّي لا أحبّ أن تؤبّس(٤) قومك بأموالهم. فضحك أبو جبيل(٥) وقال: [لكم ما أخذتم منّا ولنا ما أخذنا(٦) منكم]، وأيّ بعير دفعته إليّ وليس ذنبه في يد صاحبه فأنت منه بريء. فأخذها وزاده مائة بعير، وانصرف راجعا إلى قومه. فقال حاتم:
(١) هؤلاء الذين وردوا في البيت هم أجداد حاتم، فهو حاتم بن عبد اللَّه بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم.
والقماقم: جمع قمقام وهو السيد العظيم.
(٢) المرباع: ما يأخذه الرئيس من الغنيمة خاصة دون أصحابه وهو ربع الغنيمة.
(٣) كذا في نسخة الشنقيطي مصححة بقلمه. وفي الأصول: «سوى بنيها» وهو تصحيف.
(٤) تؤبس: توبخ وتؤنب.
(٥) كذا في كتاب «المفضليات» للضبي ونسخة الشنقيطي مصححة بخطه. وفي الأصول: «أبو جميل» بالميم وهو تحريف. وأبو جبيل:
كنية عبد قيس بن خفاف، كما هو ظاهر من السياق.
(٦) هذه الجملة غير واضحة المناسبة في هذا الكلام.