أخبار ذات الخال
٢٤ - أخبار ذات الخال
  عشق إبراهيم لها وشراء الرشيد إياها
  أخبرني بخبرها الحسين بن يحيى قال: حدثنا حماد بن إسحاق قال: حدثني أبي:
  أن جدي كان يتعشق جارية لقرين، المكنّى بأبي الخطَّاب النخّاس، وكان يقول فيها الشعر / ويغنّي فيه، فشهرها بشعره وغنائه، وبلغ الرشيد خبرها، فاشتراها بسبعين ألف درهم. فقال لها ذات يوم: أسألك عن شيء، فإن صدقتني وإلا صدقني غيرك وكذّبتك. قالت له: بل أصدقك. قال: هل كان بينك وبين إبراهيم الموصليّ شيء قطَّ، وأنا أحلفه أن يصدقني. قال: فتلكأت ساعة، ثم قالت: نعم، مرة واحدة. فأبغضها وقال يوما في مجلسه: أيكم لا يبالي أن يكون كشخانا(١)، حتى أهب له ذات الخال. فبدر حمّويه الوصيف، فقال: أنا. فوهبها له، وفيها يقول إبراهيم:
  أتحسب ذات الخال راجية ربّا ... وقد فتنت(٢) قلبا يهيم بها حبّا
  وما عذرها نفسي فداها ولم تدع ... على أعظمي لحما ولم تبق لي لبّا
  الشعر والغناء لإبراهيم، خفيف(٣) رمل بالسّبابة في مجرى الوسطى.
  الرشيد يشتاقها بعد أن وهبها لحمويه
  وذكر أحمد بن أبي طاهر:
  أن الرشيد اشتراها بسبعين ألف درهم، وذكر قصة حمّويه كما ذكرها حماد، وقال في خبره: فاشتاقها الرشيد يوما بعد ما وهبها لحمّويه، فقال له: ويلك يا حمّويه، وهبنا لك الجارية على أن تسمع غناءها وحدك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، مر فيها بأمرك. قال: نحن عندك غدا. فمضى فاستعد لذلك، واستأجر لها من بعض الجوهريّين بدنة(٤) وعقودا ثمنها اثنا عشر ألف دينار. فأخرجها إلى الرشيد وهو عليها، فلما رآها(٥) / أنكره. وقال: ويلك يا حمّويه! ومن أين لك هذا وما وليتك عملا تكسب فيه مثله، ولا وصل إليك مني هذا القدر! فصدقه عن أمره، فبعث الرشيد إلى أصحاب الجوهر فأحضرهم، واشترى الجوهر منهم، ووهبه لها، ثم حلف ألا تسأله يومه ذلك شيئا إلا أعطاها، ولا حاجة إلا قضاها، فسألته أن يولَّي حمّويه الحرب والخراج بفارس سبع سنين، ففعل ذلك، وكتب له عهده به، وشرط على ولي العهد بعده أن يتمها له إن لم تتمّ في حياته.
(١) الكشخان: الديوث.
(٢) كذا في ف. وفي الأصول: سلبت.
(٣) خفيف: ساقطة من ف.
(٤) البدنة: قميص لا كمي له، من ملابس النساء.
(٥) ف: رآه.