كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار إبراهيم

صفحة 382 - الجزء 20

١٢ - أخبار إبراهيم

  خبر له مع عريب وقد نظم شعرا اقترحته عليه:

  أخبرني عمي قال: حدّثني الفضل بن محمد اليزيديّ قال: حدثنا أحمد عن عمه إبراهيم قال:

  كنت مع المأمون في بلد الروم، فبينا أنا في ليلة مظلمة شاتية ذات غيم وريح وإلى جانبي قبة، فبرقت برقة وإذا في القبّة عريب. قالت: إبراهيم بن اليزيديّ؟ فقلت: لبيك! فقالت: قل في هذا البرق أبياتا ملاحا لأغنّي فيها، فقلت:

  ما ذا بقلبي من أليم الخفق ... إذا رأيت لمعان البرق

  من قبل الأردنّ أو دمشق ... لأنّ من أهوى بذاك الأفق

  فارقته وهو أعز الخلق ... عليّ والزّور خلاف الحق

  ذاك الَّذي يملك مني رقي ... ولست أبغي ما حييت عتقي

  قال: فتنفست نفسا ظننته قد قطع حيازيمها، فقلت: ويحك على من هذا؟ فضحكت ثم قالت: على الوطن.

  فقلت: هيهات! ليس هذا كلَّه للوطن، فقالت: ويلك! أفتراك ظننت أنك / تستفزني؟ واللَّه لقد نظرت نظرة مريبة في مجلس، فادعاها أكثر من ثلاثين رئيسا، واللَّه ما علم أحد منهم لمن كانت إلى هذا اليوم⁣(⁣١).

  يقيم أياما بسيحان مع صديق، ويقول هناك شعرا:

  أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثني الفضل بن محمد اليزيديّ قال: حدّثني أخي عن عمي إبراهيم بن أبي محمد:

  أنه كان مع المعتصم لما خرج إلى الغزو، قال فكتب في رفقه⁣(⁣٢) فيها فتى من أهل البصرة، ظريف أديب شاعر راوية، فكان لي فيه أنس، وكنا لا تفترق حتى غزونا / وعدنا، فعاد إلى البصرة، وكان له بستان حسن بسيحان، فكان أكثر مقامه به، وعزم لي على الشخوص إلى البصرة لحاجة عرضت لي، فكان أكثر نشاطي لها من أجله، فوردتها، ونظرت فيما وردت له، ثم سألت عنه، ومضيت إليه، فكاد أن يستطار بي فرحا، وأقمت بسيحان معه أياما، وقلت في بعضها وقد اصطبحنا في بستانه:

  يا مسعديّ بسيحان فديتكما ... حثّا المدامة في أكناف سيحانا

  نهر كريم من الفردوس مخرجه ... بذاك خبّرنا من كان أنبأنا


(١) ف: «الوقت».

(٢) س، ب: «رقعة»، تحريف.