أخبار علوية ونسبه
١٩ - أخبار علَّويه ونسبه
  نسب علوية وأصله:
  هو عليّ بن عبد اللَّه بن سيف(١). وكان جدّه من السّغد(٢) الذين سباهم الوليد بن(٣) / عثمان بن عفّان واسترقّ منهم جماعة اختصّهم بخدمته، وأعتق بعضهم، ولم يعتق الباقين فقتلوه. وذكر ابن خرداذبه، وهو ممن لا يحصّل قوله ولا يعتمد عليه، أنّه من أهل يثرب مولى بني أميّة، والقول الأوّل أصحّ.
  مهارته في الغناء والضرب وبعض أخلاقه ونشأته وسبب وفاته:
  ويكنى علَّويه أبا الحسن. وكان مغنيّا حاذقا، ومؤدّبا محسنا، وصانعا متفنّنا، وضاربا متقدّما، مع خفّة روح، وطيب مجالسة، وملاحة نوادر. وكان إبراهيم الموصليّ علَّمه وخرّجه وعني به جدّا، فبرع وغنّى لمحمد الأمين، وعاش إلى أيّام المتوكَّل، ومات بعد إسحاق الموصليّ بمديدة يسيرة. وكان سبب وفاته أنّه خرج به جرب، فشكاه إلى يحيى ابن ماسويه، فبعث إليه بدواء مستهل وطلاء، فشرب الطَّلاء، واطَّلى بالدواء المسهل، فقتله ذلك. وكان إسحاق يتعصب له في أكثر أوقاته على مخارق. فأمّا التقديم والوصف فلم يكن إسحاق يرى أحدا من جماعته لهما(٤) أهلا، فكانوا يتعصّبون عليه لإبراهيم بن المهديّ، فلا يضرّه ذلك مع تقدّمه وفضله.
  رأي إسحاق الموصلي فيه وفي مخارق:
  أخبرني محمد بن مزيد قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق قال: قلت لأبي: أيّما أفضل عندك مخارق أو علَّويه؟
  فقال: يا بنيّ علَّويه أعرفهما فهما بما يخرج من رأسه وأعلمهما بما يغنّيه ويؤدّيه، ولو خيّرت بينهما من يطارح جواريّ أو شاورني من يستنصحني لما أشرت إلَّا بعلَّويه؛ لأنه كان يؤدّي الغناء، وصنع صنعة محكمة. ومخارق بتمكَّنه من حلقه وكثرة نغمه لا يقنع بالأخذ منه؛ لأنه لا يؤدّي صوتا واحدا كما أخذه ولا يغنّيه مرّتين غناء واحدا لكثرة زوائده فيه. ولكنّهما إذا اجتمعا عند خليفة أو سوقة غلب مخارق على المجلس والجائزة لطيب صوته وكثرة نغمه.
  حدّثني جحظة قال حدّثني أبو عبد اللَّه بن حمدون قال حدّثني أبي قال:
  اجتمعت مع إسحاق يوما في بعض دور بني هاشم، وحضر علَّويه فغنّى أصواتا ثم غنّى من صنعته:
(١) كذا في كل «الأصول» و «مختصر الأغاني» لابن منظور. وكتب المرحوم الأستاذ الشنقيطي بهامش نسخته «يوسف» بدل «سيف».
(٢) السغد: ناحية كثيرة المياه. والبساتين والأشجار بها قرى كثيرة بين بخارى وسمرقند، وربما قيل فيها «الصغد» بالصاد. ويقال لسكان تلك الناحية سغد.
(٣) كذا في «ح» و «مختار الأغاني» و «نهاية الأرب». وفي سائر الأصول: «سباهم عثمان بن الوليد زمن عثمان بن عفان» وهو تحريف. والمعروف في كتب «التاريخ» أن الذي فتح تلك النواحي سنة ٥٦ هـ هو سعيد بن عثمان بن عفان.
(٤) في الأصول الخطية: «لها».