كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

6 - أخبار حماد الراوية ونسبه

صفحة 339 - الجزء 6

٦ - أخبار حماد الراوية ونسبه

  نسبه وولاؤه وعلمه بأخبار العرب وأيامها:

  هو حمّاد بن ميسرة، فيما ذكره الهيثم بن عديّ، وكان صاحبه وراويته وأعلم الناس به، وزعم أنه مولى [بني]⁣(⁣١) شيبان. وذكر المدائنيّ والقحذميّ أنه حماد بن سابور، وكان من أعلم الناس بأيام العرب وأخبارها وأشعارها وأنسابها ولغاتها. وكانت ملوك بني أمية تقدّمه وتؤثره وتستزيره، فيفد عليهم وينادمهم ويسألونه عن أيام العرب وعلومها ويجزلون صلته.

  حدّثنا محمد بن العبّاس اليزيديّ وعمّي وإسماعيل العتكيّ قالوا حدّثنا الرّياشيّ قال:

  قال الأصمعيّ: كان حمّاد أعلم الناس إذا نصح. قال وقلت لحماد: ممن أنتم؟ قال: كان أبي من سبى سلمان بن ربيعة، فطرحتنا⁣(⁣٢) سلمان⁣(⁣٣) لبني شيبان، فولاؤنا لهم. قال: وكان أبوه يسمّى ميسرة، ويكنى أبا ليلى.

  قال العتكيّ في خبره: قال الرّياشيّ: وكذلك ذكر الهيثم بن عديّ في أمر حمّاد.

  سأله الوليد عن سبب تلقيبه بالراوية فأجابه:

  أخبرني عمي قال حدّثني الكراني قال حدّثنا العمري عن العتبيّ والهيثم بن عديّ ولقيط⁣(⁣٤) قالوا:

  / قال الوليد بن يزيد لحمّاد الراوية: بم استحققت هذا اللقب فقيل لك الراوية؟ فقال: بأني أروي لكل شاعر تعرفه يا أمير المؤمنين أو سمعت به، ثم أروي لأكثر منهم ممن تعرف أنك لم تعرفه ولم تسمع به، ثم لا أنشد شعرا قديما ولا⁣(⁣٥) محدثا إلا ميّزت القديم منه من المحدث؛ فقال: إنّ هذا لعلم وأبيك كثير⁣(⁣٦)! فكم مقدار ما تحفظ من الشعر؟ قال: كثيرا، ولكني أنشدك على كل حرف من حروف المعجم مائة / قصيدة كبيرة سوى المقطَّعات من شعر الجاهلية دون شعر الإسلام؛ قال: سأمتحنك في هذا، وأمره بالإنشاد؛ فأنشد الوليد حتى ضجر، ثم وكَّل به من استحلفه أن يصدقه عنه ويستوفى عليه؛ فأنشده ألفين وتسعمائة قصيدة للجاهليين، وأخبر الوليد بذلك، فأمر له بمائة ألف درهم.


(١) زيادة عن ح و «مختار الأغاني» و «تجريد الأغاني».

(٢) في ب، س: «فطوحتنا».

(٣) كذا في أ، ء، م. وفي سائر الأصول: «سهمان» وهو تحريف.

(٤) هو أبو هلال لقيط بن بكر المحاربي الكوفي من بني محارب، من الرواة للعلم المصنفين للكتب، وكان شاعرا سئ الخلق، عاش إلى سنة تسعين ومائة، وله من الكتب: «كتاب السمر»، و «كتاب الحراب واللصوص»، و «كتاب أخبار الجن». (راجع «فهرست ابن النديم» ص ٩٤ طبع أوروبا).

(٥) كذا في أ، ء، م. وفي سائر الأصول: «شعرا لقديم ولا محدث».

(٦) كذا في «تجريد الأغاني» و «مختار الأغاني». وفي الأصول: «كبير» (بالباء الموحدة) وهو تصحيف.