خبر عمارة بن الوليد والسبب الذي من أجله سحر
  خرج عبد اللَّه بن العجلان في الجاهليّة فقال:
  ألا إنّ هندا أصبحت منك محرما ... وأصبحت من أدنى حموّتها حما
  فأصبحت كالمقمور جفن سلاحه ... يقلَّب بالكفّين قوسا وأسهما
  / شعر لمسافر في الفخر:
  ثم مدّ بهما صوته فمات. قال ابن سيرين: فما سمعت أن أحدا مات عشقا غير هذا. ومما يغنّي فيه من شعر مسافر بن أبي عمرو وهو من جيّد شعره قوله يفتخر:
  صوت
  ألم نسق الحجيج ونن ... حر المذلاقة(١) الرّفدا
  وزمزم من أرومتنا ... ونفقأ عين من حسدا
  وإنّ مناقب الخيرا ... ت لم نسبق بها عددا
  فإن نهلك فلم نملك ... وهل من خالد خلدا
  غنّاه ابن سريج رملا بالخنصر في مجرى البنصر عن إسحاق. وفيه لسائب خائر لحن من خفيف الثقيل الأوّل بالوسطى من رواية حمّاد. وفيه للزّفّ ثقيل بالوسطى.
  فأما خبر عمارة بن الوليد والسبب الذي من أجله أمر النّجاشيّ السواحر فسحرته
  ما كان بين عمرو وعمارة لدى النجاشي:
  فإن الواقديّ ذكره عن عبد اللَّه بن جعفر بن أبي عون قال:
  كان عمارة بن الوليد المخزوميّ بعد ما مشت(٢) قريش بعمارة إلى أبي طالب خرج هو وعمرو بن العاص بن وائل السّهميّ، وكانا كلاهما تاجرين، إلى النجاشيّ، وكانت / أرض الحبشة لقريش متجرا ووجها، وكلاهما مشرك شاعر فاتك وهما في جاهليّتهما، وكان عمارة معجبا بالنساء صاحب محادثة(٣)؛ فركبا في السفينة ليالي فأصابا من خمر معهما. فلما انتشى عمّارة قال لامرأة عمرو بن العاص: قبّليني. فقال لها عمرو: قبّلي ابن عمّك فقبّلته. وحذر عمرو على زوجته فرصدها ورصدته، فجعل إذا شرب معه أقلّ عمرو من الشراب وأرقّ لنفسه بالماء مخافة أن يسكر فيغلبه عمارة على أهله. وجعل عمارة يراودها على نفسها فامتنعت منه. ثم إنّ عمرا جلس إلى ناحية السفينة يبول،
(١) كذا في «اللسان» (مادتي ذلق ورفد). والمذلاقة: يريد بها النوق السريعة السير وفي الأصول: «الدلافة» وهو تحريف. والرفد: جمع رفود وهي التي تملأ الرفد (وهو بالفتح والكسر القدح الضخم) من النوق في حلبة واحدة.
(٢) قال ابن إسحاق: ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول اللَّه ﷺ وإسلامه وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة فقالوا له فيما بلغني: «يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله. فخذه فلك عقله ونصره واتخذه ولدا فهو لك وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك وفرق جماعة قومك وسفه أحلامهم فنقتله فإنما هو رجل كرجل. فقال: واللَّه لبئس ما تسومونني! أتعطونني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه! هذا واللَّه ما لا يكون أبدا». («سيرة ابن هشام» ج ١ ص ١٦٩).
(٣) يحتمل أن تكون: «صاحب مخادنة». والرجل يوصف بأنه حدث نساء كما يوصف بأنه خذنهن.