كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

11 - أخبار إسحاق بن إبراهيم

صفحة 177 - الجزء 5

٩ - أخبار إسحاق بن إبراهيم

  نسب إسحاق الموصلي وكنيته:

  قد مضى نسبه مشروحا في نسب أبيه؛ ويكنى أبا محمد، وكان الرشيد⁣(⁣١) يولع به فيكنيه أبا صفوان، وهذه كنية أوقعها عليه إسحاق بن إبراهيم بن مصعب مزحا.

  منزلته في العلوم وتقدير الخلفاء والناس له:

  وموضعه من العلم، ومكانه من الأدب، ومحلَّه من الرواية، وتقدّمه في الشعر، ومنزلته في سائر المحاسن، أشهر من أن يدلّ عليه فيها بوصف؛ وأما الغناء فكان أصغر علومه وأدنى ما يوسم به وإن كان الغالب عليه وعلى ما كان يحسنه؛ فإنه كان له في سائر أدواته نظراء وأكفاء ولم يكن له في هذا نظير؛ فإنه لحق بمن مضى فيه وسبق من بقي، ولحب⁣(⁣٢) للناس جميعا طريقه فأوضحها، وسهّل عليهم سبيله وأنارها؛ فهو إمام أهل صناعته جميعا، ورأسهم ومعلَّمهم؛ يعرف ذلك منه الخاصّ والعامّ، ويشهد به الموافق⁣(⁣٣) والمفارق؛ على أنه كان أكره الناس للغناء وأشدّهم بغضا لأن يدعى إليه أو يسمّى به. وكان يقول: لوددت أن أضرب، كلما أراد مريد مني أن أغنّني وكلما قال قائل إسحاق الموصلي المغنّي، عشر مقارع، لا أطيق أكثر من ذلك، وأعفى من الغناء ولا ينسبني من يذكرني إليه.

  وكان المأمون يقول: لولا ما سبق على ألسنة الناس وشهر به عندهم من الغناء لولَّيته القضاء بحضرتي، فإنه أولى به / وأعفّ وأصدق وأكثر دينا وأمانة من هؤلاء القضاة.

  مشايخة الذين تلقى عنهم:

  وقد روى الحديث ولقي أهله: مثل مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وهشيم بن بشير⁣(⁣٤)، وإبراهيم⁣(⁣٥) بن


(١) كذا في جميع الأصول، والمعروف أن الرشيد لم يعاصر إسحاق بن إبراهيم بن مصعب في بغداد، وأن إسحاق المصعبي وأهل بيته من أهل يوشنج من أعمال خراسان ولم يدخلوا بغداد إلا بعد دخول المأمون فيها، ومعلوم أيضا أن إسحاق المصعبي هو الذي أوقع هذه الكنية على إسحاق كما سيجيء في شعر للموصلي بعث به إليه، والغالب أن في الأصول تحريفا، والأجدر به أن يكون «المأمون» بدل «الرشيد» ليتسق التاريخ وتتلاءم الحوادث بعضها مع بعض (انظر «التاج» للجاحظ الحاشية رقم ١ ص ٣١ طبع المطبعة الأميرية).

(٢) لحب الطريق: سلكه وأوضحه، ويستعمل لازما فيقال: لحب الطريق إذا وضح. وفي س «ألحب» وهو بمعنى «لحب» المتعدّي.

(٣) لعله «المرافق والمفارق» أي القريب والبعيد.

(٤) هو هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي، يكنى أبا معاوية، مات في خلافة الرشيد سنة ١٨٣ هـ.

(٥) هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ويكنى أبا إسحاق، وكان ثقة كثير الحديث وربما أخطأ فيه، توفي ببغداد سنة ١٨٣ هـ.