كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار طويس ونسبه

صفحة 407 - الجزء 4

٤٥ - أخبار طويس⁣(⁣١) ونسبه

  أوّل من صنع الهزج والرمل واشتهر بالهزج:

  طويس لقب، واسمه طاوس⁣(⁣٢)، مولى بني مخزوم. وهو أوّل من غنّى الغناء المتقن من المخنّثين. وهو أوّل من صنع الهزج والرّمل في الإسلام. وكان يقال: أحسن الناس غناء في الثّقيل ابن محرز، وفي الرمل ابن سريج، وفي الهزج طويس. وكان الناس يضربون به المثل، فيقال: «أهزج من طويس».

  غنى أبان بن عثمان بالمدينة فطرب وسأله عن عقيدته وعن سنه وعن شؤمه:

  أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر والحسين بن يحيى قالا: حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن ابن الكلبيّ عن أبيه وأبي مسكين، قال إسحاق: وحدّثني المدائنيّ والهيثم بن عديّ عن صالح بن كيسان:

  أنّ أبان بن عثمان وفد على عبد الملك بن مروان، فأمّره على الحجاز؛ فأقبل حتّى إذا دنا من المدينة تلقّاه أهلها، وخرج إليه أشرافها، فخرج معهم طويس؛ فلمّا رآه سلَّم عليه، ثم قال له: أيها الأمير، إنّي كنت أعطيت اللَّه عهدا لئن رأيتك أميرا لأخضبنّ يديّ إلى المرفقين، ثم أزدو⁣(⁣٣) بالدّفّ بين يديك، ثم أبدى عن دفّه وتغنّى بشعر ذي جدن الحميريّ:

  ما بال أهلك يا رباب ... خزرا كأنّهم غضاب

  قال: فطرب أبان حتى كاد أن يطير، ثم جعل يقول له: حسبك يا طاوس - ولا يقول له: يا طويس لنبله في عينه - ثم قال له: اجلس فجلس. فقال له أبان: قد زعموا أنّك كافر. فقال: جعلت فداءك! واللَّه إنّي لأشهد أن لا إله / إلَّا اللَّه وأنّ محمدا رسول اللَّه، وأصلَّي الخمس، وأصوم شهر رمضان، وأحجّ البيت. فقال: أفأنت أكبر أم عمرو بن عثمان؟ - وكان عمرو أخا أبان لأبيه وأمّه - فقال له طويس: أنا واللَّه، جعلت فداءك، مع جلائل⁣(⁣٤) نساء قومي، أمسك بذيولهنّ يوم زفّت أمّك المباركة إلى أبيك الطيّب⁣(⁣٥). قال: فاستحيا أبان ورمى بطرفه إلى الأرض.


(١) تقدمت لطويس ترجمة أخرى في الجزء الثالث من هذه الطبعة (صفحة ٢٧ - ٤٤). وقد ذكرنا هناك ما قد يكون سببا في تكرار الترجمة، وبينا سبب عدم ضمنا إحدى الترجمتين إلى الأخرى.

(٢) تقدم في ترجمته في الجزء الثالث من هذا الكتاب أن اسمه عيسى بن عبد اللَّه.

(٣) أزدو: أضرب.

(٤) كذا في ح، ط، ء. وفي سائر النسخ: «حلائل» بالحاء المهملة، وهو تصحيف.

(٥) قال ابن عبد ربه في «العقد الفريد» (ج ٣ ص ٢٤٢) بعد أن ساق هذه القصة: «انظر إلى حذفه ورقة أدبه كيف لم يقل أمك الطيبة إلى أبيك المبارك». وفسر ذلك الجاحظ في كتابه «الحيوان» (ج ٤ ص ١٩) فقال: «ولو قال شهدت زفاف أمك الطيبة إلى أبيك المبارك لم يحسن ذلك؛ لأن قولك طيب إنما يدل على قدر ما اتصل به من الكلام، وقد قال الشاعر:

والطيبون معاقد الأزر

وقد يخلو الرجل بالمرأة فيقول وجدتها طيبة، يريد طيبة الكوم (الوطء) لذيذة نفس الوطء.