كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

غناء المعتز بالله

صفحة 208 - الجزء 9

  شعر يزيد المهلبي فيه:

  حدّثني الصّوليّ قال حدّثني أحمد بن يزيد المهلَّبيّ قال: أوّل قصيدة أنشدها أبي في المنتصر بعد أن ولي الخلافة:

  ليهنك ملك بالسعادة طائره ... موارده محمودة ومصادره

  فأنت الذي كنّا مرجّي فلم نخب ... كما يرتجى من واقع الغيب باكره

  بمنتصر باللَّه تمّت أمورنا ... ومن ينتصر باللَّه فاللَّه ناصره

  فأمر المنتصر عريب أن تغنّي نشيدا في أوّل الأبيات وتجعل البسيط في البيت الأخير؛ فعملته وغنّته به.

  حدّثني الصّوليّ قال حدّثني أحمد بن يزيد قال: صلَّى المنتصر بالناس في الأضحى سنة سبع وأربعين ومائتين؛ فأنشده أبي لمّا انصرف:

  ما استشرف الناس عيدا مثل عيدهم ... مع الإمام الذي باللَّه ينتصر

  غدا بجمع كجنح الليل يقدمه ... وجه أغرّ كما يجلو الدّجى القمر

  يؤمّهم صادع بالحق أحكمه ... حزم وعلم بما يأتي وما يذر

  لو خيّر الناس فاختاروا لأنفسهم ... أحظَّ منك لما نالوه ما قدروا

  قال: فأمر له بألف دينار، وتقدّم إلى ابن المكَّيّ أن يغنّي في الأبيات.

  غناه بنان بن عمرو بشعر مروان فأمره ألا يغني في شعر آل أبي حفصة:

  حدّثني الصّوليّ قال حدّثني الحسين بن يحيى قال حدّثني بنان بن عمرو المغنّي قال: غنّيت يوما بين يدي المنتصر:

  هل تطمسون من السماء نجومها ... بأكفّكم أو تسترون هلالها

  فقال لي: إيّاك وأن تغنّي بحضرتي هذا الصوت وأشباهه، فما أحبّ أن أغنّى إلَّا⁣(⁣١) في أشعار آل أبي حفصة خاصّة.

غناء المعتز باللَّه:

  وممن هذه سبيله في صنعة الغناء المعتزّ باللَّه:

  فإني لم أجد له منها شيئا إلا ما ذكره الصّوليّ في أخباره؛ فأتيت بما حكاه للعلَّة التي قدّمتها من أنّي كرهت أن يخلّ الكتاب بشيء قد دوّنه الناس وتعارفوه. فممّا ذكر أنه غنّى فيه:

  صوت

  لعمري لقد أصحرت خيلنا ... بأكناف دجلة للمصعب

  فمن يك منّا يبت آمنا ... ومن يك من غيرنا يهرب


(١) لعله: «فما أحب أن أغني في أشعار إلخ» بحذف «إلا»؛ لأن هذا البيت من قصيدة مشهورة لمروان بن أبي حفصة مطلعها:

طرقتك زائرة فحي خيالها ... بيضاء تخلط بالجمال دلالها