أخبار عبد الرحمن ونسبه
١٩ - أخبار عبد الرحمن ونسبه
  هو عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. وأمّه أمّ أخيه مروان، آمنة بنت صفوان بن أمية بن محرّث بن شق بن رقبة بن مخدج من بني كنانة. ويكنى عبد الرحمن أبا مطرف، شاعر إسلامي متوسّط الحال(١) في شعراء زمانه، وكان يهاجي عبد الرحمن بن حسّان بن ثابت فيقاومه وينتصف كلّ واحد منهما من صاحبه.
  خبر قدومه على معاوية معاتبا لعزله أخاه مروان
  أخبرني محمّد بن العبّاس العسكريّ قال: حدّثنا الحسن بن عليل العنزيّ، عن العمريّ، عن العتبيّ والهيثم بن عديّ، عن صالح بن حسان.
  وأخبرني به عمي عن الكراني، عن العمريّ، عن الهيثم، عن صالح بن حسان قال:
  قدم عبد الرحمن بن الحكم على معاوية بن أبي سفيان، وقد عزل أخاه مروان عن الحجاز وولَّى سعيد بن العاص، وكان مروان وجّه به وقال له: القه أمامي فعاتبه لي واستصلحه. وقال عمّي(٢) في خبره: كان عبد الرحمن بدمشق، فلما بلغه خبر أخيه خرج إليه فتلقّاه، وقال له: أقم حتى أدخل إلى الرجل، فإن كان عزلك عن موجدة دخلت إليه منفردا. وإن كان عن غير موجدة دخلت إليه مع الناس. قال: فأقام مروان ومضى عبد الرحمن أمامه، فلما قدم عليه دخل إليه وهو يعشّي الناس، فأنشأ يقول:
  أتتك العيس تنفخ في براها ... تكشّف عن مناكبها القطوع
  بأبيض من أميّة مضرحيّ ... كأنّ جبينه سيف صنيع
  / فقال معاوية: أزائرا جئت أم مفاخرا أم مكاثرا؟ فقال: أيّ ذلك شئت. فقال له: ما أشاء من ذلك شيئا(٣)، وأراد معاوية أن يقطعه عن كلامه الَّذي عنّ له، فقال: على أيّ الظهر أتيتنا؟ قال: / على فرسي. قال: وما صفته؟
  قال: أجشّ هزيم «، يعرّض بقول النّجاشي له:
  ونجّى ابن حرب سابح ذو علالة ... أجشّ هزيم والرماح دواني(٤)
  إذا خلت أطراف الرّماح تناله ... مرته به السّاقان والقدمان(٥)
  قدوم عبد الرحمن بن الحكم على معاوية مغاضبا
  فغضب معاوية، وقال: أما إنّه لا يركبه صاحبه في الظَّلم إلى الرّيب، ولا هو ممّن يتسوّر على جاراته ولا
(١) في ح: «متوسط المحل».
(٢) في الأصول: «عمر».
(٣) شيئا، ساقطة في ح.
(٤) السابح: الفرس السريع، كأنه يسبح بيديه. والعلالة: البقية من السير ومن كل شيء. والأجش: الغليظ الصوت من الإنسان ومن الخيل ومن الرعد وغيره. والهزيم: الفرس الشديد الصوت.
(٥) مرته: استدرت جريه.