كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

بعض أخبار عبد الله بن طاهر

صفحة 339 - الجزء 12

  لم تخل كفّك من جود لمختبط⁣(⁣١) ... [أ]⁣(⁣٢) ومرهف قاتل في رأس قتّال

  وما بثثت رعيل الخيل في بلد ... إلَّا عصفن بأرزاق وآجال

  إن كنت منك على بال مننت به ... فإن شكرك من قلبي على بال

  ما زلت منقضبا⁣(⁣٣) لولا مجاهرة ... من ألسن خضن في صدري بأقوال

  قال فضحك عبد اللَّه وسرّ بما كان منه، وقال: يا أبا السّمراء أقرضني عشرة آلاف دينار، فما أمسيت أملكها؛ فأقرضه فدفعها إليه.

  أحسن إلى موسى بن خاقان ثم جفاه، فمدح موسى المأمون وعرض به

  أخبرني عليّ بن عبد العزيز عن ابن خرداذبه قال:

  كان موسى بن خاقان مع عبد اللَّه بن طاهر بمصر، وكان نديمه وجليسه، وكان له مؤثرا مقدّما؛ فأصاب منه معروفا كثيرا وأجازه بجوائز سنيّة هناك وقبل ذلك. ثم إنّه وجد عليه في بعض الأمر، فجفاه وظهر له منه بعض ما لم يحبّه، فرجع حينئذ إلى بغداد وقال:

  صوت

  إن كان عبد اللَّه خلَّانا ... لا مبدئا عرفا وإحسانا

  فحسبنا اللَّه رضينا به ... ثم بعبد اللَّه مولانا

  يعني بعبد اللَّه الثاني المأمون، وغنّت فيه جاريته ضعف لحنا من الثقيل الأوّل، وسمعه / المأمون فاستحسنه ووصله وإيّاها. فبلغ ذلك عبد اللَّه بن طاهر، فغاظه ذلك وقال: أجل! صنعنا المعروف إلى غير أهله فضاع.

  وكانت ضعف إحدى المحسنات. ومن أوائل صنعتها وصدور أغانيها وما برّزت فيه وقدّمت فاختيرت، صنعتها في شعر جميل:

  أمنك سرى يا بثن طيف تأوّبا ... هدوءا فهاج القلب شوقا وأنصبا

  عجبت له أن زار في النوم مضجعي ... ولو زارني مستيقظا كان أعجبا

  الشعر لجميل، والغناء لضعف ثقيل أوّل بالبنصر.

  قصته مع محمد بن يزيد الأموي

  أخبرني عمّي قال حدّثني أبو جعفر بن الدّهقانة النديم قال حدّثني العباس بن الفضل الخراسانيّ، وكان من وجوه قوّاد طاهر وابنه عبد اللَّه، وكان أديبا عاقلا فاضلا، قال:


(١) اختبطه وتخبطه: سأله المعروف بلا وسيلة من آصرة قربى أو مودة أو معرفة.

(٢) زيادة في ف.

(٣) في أكثر اوصول: «مقتضبا». وفي ف: «منقبضا». وفي أساس البلاغة: «وانقضب من أصحابه: انقطع». يقول: ما زلت منقطعا عنك أو عن الناس، وكنت أوثر أن التزم ذلك لولا مجاهرة الألسنة وخوضها بالحديث فيما يكنه صدري من حب وولاء أو عداوة وبغضاء؛ فذلك الذي ألجأني أن أخرج عما أخذت به نفسي، وحفزني إلى الإقبال عليك.