كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أسماء بن خارجة وابنته هند

صفحة 457 - الجزء 20

٢٦ - أسماء بن خارجة وابنته هند

  وصيته لبنته ليلة زفافها:

  أخبرني اليزيديّ عن أحمد بن زهير عن الزّبير بن بكار قال:

  زوّج أسماء بن خارجة الفزاريّ بنته هندا من الحجاج بن يوسف، فلما كانت ليلة أراد البناء بها قال لها أسماء بن خارجة: يا بنيّة، إنّ الأمهات يؤدبن البنات، وإنّ أمّك هلكت وأنت صغيرة، فعليك بأطيب الطيب الماء، وأحسن الحسن الكحل. وإياك وكثرة المعاتبة، فإنها قطيعة للودّ، وإياك والغيرة فإنها مفتاح الطلاق. وكوني لزوجك أمة يكن لك عبدا، واعلمي أني القائل لأمّك:

  خذي العفو مني تستديمي مودّتي

  شعر لبعض الشعراء فيها:

  قال: وكانت هند امرأة مجرّبة قد تزوجها جماعة من أمراء العراق، فقبلت من أبيها وصيته. وكان الحجاج يصفها في مجلسه بكلّ خير، وفيها يقول بعض الشعراء يخاطب أباها:

  جزاك اللَّه يا أسماء خيرا ... كما أرضيت فيشلة الأمير

  بصدغ قد يفوح المسك منه ... عليه مثل كركرة⁣(⁣١) البعير

  إذا أخذ الأمير بمشعبيها ... سمعت لها أزيزا كالصرير

  إذا لقحت بأرواح تراها ... تجيد الرّهز من فوق السرير⁣(⁣٢)

  قال مؤلف هذا الكتاب: الشعر لعقيبة الأسديّ.

  يعير معير بتزويج الحجاج فيحتال حتى يزوجه المعير أيضا:

  أخبرني الجوهريّ وحبيب المهلبيّ عن ابن شبة قال:

  / لما قدم الحجاج الكوفة أشار عليه محمد بن عمير بن عطارد أن يخطب إلى أسماء ابنته هند، فخطبها فزوجه أسماء ابنته، فأقبل عليه محمد متمثّلا يقول:

  أمن حذر الهزال نكحت عبدا ... فصهر العبد أدنى للهزال!

  فاحتملها عليه أسماء وسكت عن جوابه، ثم أقبل على الحجاج يوما وهند جالسة، فقال: ما يمنعك من الخطبة إلى محمد بن عمير ابنته فإنّ من⁣(⁣٣) شأنها كيت وكيت. فقال: أتقول / هذا وهند تسمع؟ فقال: موافقتك


(١) الكركرة: جزء من زور البعير، ناتئ عن جسمه كالقرص، إذا برك أصاب الأرض.

(٢) الرهز: التحرك عند المباشرة، وفي ف:

«إذا لقحت بأزواج»

، وفي هد:

«إذا لهجت بأرواح»

(٣) في ف: «فإن من أمرها وشأنها».