كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار منصور النمري ونسبه

صفحة 97 - الجزء 13

١١ - أخبار منصور النمريّ ونسبه

أخبار منصور النمري ونسبه

  منصور بن الزبرقان بن سلمة - وقيل منصور بن سلمة بن الزبرقان - بن شريك بن مطعم الكبش الرّخم، بن مالك بن سعد بن عامر بن سعد الضّحيان بن سعد بن الخزرج بن تيم اللَّه بن النّمر بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعميّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. وإنما سمي عامر الضّحيان لأنّه كان سيّد قومه وحاكمهم، وكان يجلس لهم إذا أضحى النّهار، فسمّي الضّحيان. وسمي جدّ منصور «مطعم الكبش الرخم»، لأنه أطعم ناسا نزلوا به ونحر لهم، ثم رفع رأسه فإذا رخم يحمن حول أضيافه، فأمر بأن يذبح لهم كبش ويرمى به بين أيديهم، ففعل ذلك، فنزلن / عليه، فمزقنه؛ فسمي مطعم الكبش الرخم. وفي ذلك يقول أبو نعيجة النمريّ يمدح رجلا منهم:

  أبوك زعيم بني قاسط ... وخالك ذو الكبش يقري الرخم⁣(⁣١)

  وكان منصور شاعرا من شعراء الدولة العباسية من أهل الجزيرة، وهو تلميذ كلثوم بن عمرو العتابي وروايته، وعنه أخذ، ومن بحره استقى، وبمذهبه تشبّه. والعتابي وصفه للفضل بن يحيى بن خالد وقرّضه⁣(⁣٢) عنده حتى استقدمه من الجزيرة واستصحبه، ثم وصله بالرشيد. وجرت بعد ذلك بينه وبين العتابي وحشة حتى تهاجرا وتناقضا، وسعى كلّ واحد منهما على هلاك صاحبه، وأخبار ذلك تذكر في مواضعها من أخبارهما - إن شاء اللَّه تعالى - وكان النمري قد مدح الفضل بقصيدة وهو مقيم بالجزيرة، فأوصلها العتابيّ إليه، واسترفده له، وسأله استصحابه، فأذن له في القدوم، فحظي عنده، وعرف مذهب الرشيد في الشعر، وإرادته أن يصل / مدحه إياه بنفي الإمامة عن ولد علي بن أبي طالب $ والطعن عليهم، وعلم مغزاه في ذلك مما كان يبلغه من تقديم مروان بن أبي حفصة، وتفضيله إياه على الشعراء في الجوائز، فسلك مذهب مروان في ذلك، ونحا نحوه، ولم يصرح بالهجاء والسبّ كما كان يفعل مروان، ولكنه حام ولم يقع، وأومأ ولم يحقّق، لأنه كان يتشيع، وكان مروان شديد العداوة لآل أبي طالب، وكان ينطق عن نيّة قويّة يقصد بها طلب الدنيا، فلا يبقي ولا يذر.

  منصور النمري يسأل أن يذكر عند الرشيد ثم يمدحه

  أخبرني محمّد بن جعفر النحويّ صهر المبرّد قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن حماد قال: حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد الكراني، وأخبرني به عمي قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد حديث محمّد بن جعفر النحوي أنه قال:

  حدّثني محمّد بن عبد اللَّه بن آدم بن جشم العبدي قال: حدّثنا ثابت بن الحارث الجشميّ قال:

  كان منصور النمريّ مصافيا للبرامكة، وكان مسكنه بالشأم، فكتب يسألهم أن يذكروه للرشيد، فذكروه ووصفوه، فأحبّ أن يسمع كلامه، فأمرهم بإقدامه، فقدم ونزل عليهم، فأخبروا الرشيد بموضعه وأمرهم بإحضاره، وصادف دخوله إليه يوم نوبة مروان، على ما سمعه من بيانه، وكان مروان يقول قبل قدومه: هذا شاميّ وأنا


(١) ذو الكبش: يعني به مطعم الكبش الرخم. يقري: يطعم.

(٢) قرضه: مدحه، ومن معانيها الذم.