كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحطيئة مع سعيد بن العاص

صفحة 145 - الجزء 17

١٨ - أخبار الحطيئة مع سعيد بن العاص

  أخبرنا أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن حكيم، عن خالد بن سعيد، عن أبيه، قال: لقيني إياس بن الحطيئة، فقال لي: يا أبا عثمان، مات أبي، وفي كسر بيته عشرون ألفا أعطاه إياها أبوك، وقال فيه خمس قصائد، فذهب واللَّه ما أعطيتمونا وبقي ما أعطيناكم، فقلت: صدقت واللَّه.

  شعره في مدح سعيد بن العاص

  قال أبو زيد: فممّا قال فيه قوله:

  أمن رسم دار مربع ومصيف ... لعينك من ماء الشؤون وكيف⁣(⁣١)

  إليك سعيد الخير جبت مهامها ... يقابلني آل بها وتنوف⁣(⁣٢)

  ولولا أصيل اللَّبّ غضّ شبابه ... كريم لأيام المنون عروف⁣(⁣٣)

  إذا همّ بالأعداء لم يثن همّه ... كعاب عليها لؤلؤ وشنوف⁣(⁣٤)

  حصان لها في البيت زيّ وبهجة ... ومشي كما تمشى القطاة قطوف⁣(⁣٥)

  ولو شاء وارى الشمس من دون وجهه ... حجاب ومطويّ السراة منيف⁣(⁣٦)

  ينشد شعرا لأبي دواد الإيادي وعبيد

  أخبرنا محمد بن العباس اليزيديّ، وأحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قالا: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا عبد اللَّه بن محمد بن حكيم الطائيّ، عن خالد / بن سعيد بن العاص، عن أبيه، قال: كان سعيد بن العاص في المدينة زمن معاوية، وكان يعشّي الناس، فإذا فرغ من العشاء قال الآذن: أجيزوا إلَّا من كان من أهل سمره. قال:

  فدخل الحطيئة فتعشّى مع الناس، ثم أقبل فقال الآذن: أجيزوا، حتى انتهى إلى الحطيئة، فقال: أجز، فأبى، فأعاد عليه فأبى، فلما رأى سعيد إباءه قال: دعه، وأخذ في الشّعر والحطيئة مطرق لا ينطق، فقال الحطيئة: واللَّه ما أصبتم جيّد الشعر، ولا شاعر الشعراء. قال سعيد: من أشعر العرب يا هذا؟ فقال: الذي يقول:


(١) ديوانه ٣٩. والوكيف: سيلان الدموع.

(٢) جبت: قطعت. وتنوف: جمع تنوفة، وهي المفازة.

(٣) العروف: الصبور على نوائب الأيام. واللب: العقل. الأصمعي: رأيه رأي مسن. وسنه سن غلام.

(٤) الكعاف: المرأة حين يبدو ثديها للنهود. الشنوف: جمع شنف، بالفتح، وهو القرط.

(٥) الحصان: العفيفة. والقطوف من الدواب: المتقارب الخطو، البطيء.

(٦) مطوي سراته، أي محكم أعلاه.