أخبار أبي الهندي ونسبه
٢٢ - أخبار أبي الهندي ونسبه(١)
  اسمه ونسبه وشعره:
  اسمه غالب بن عبد القدّوس، بن شبث بن ربعيّ. وكان شاعرا مطبوعا، وقد أدرك الدولتين: دولة بني أمية، وأول دولة ولد العباس. وكان جزل الشعر، حسن الألفاظ، لطيف المعاني. وإنما أخمله وأمات ذكره بعده من بلاد العرب، ومقامه بسجستان وبخراسان، وشغفه بالشراب ومعاقرته إياه، وفسقه وما كان يتهم به من فساد الدين.
  هو أول من وصف الخمر من شعراء الإسلام:
  واستفرغ شعره بصفة الخمر، وهو أول من وصفها من شعراء الإسلام، فجعل وصفها وكده وقصده، ومن مشهور قوله فيها ومختاره:
  سقيت أبا المطرّح(٢) إذ أتاني ... وذو الرّعثات(٣) منتصب يصيح
  شرابا يهرب الذّبّان منه ... ويلثغ حين يشربه الفصيح
  أبو نواس يأخذ من معانيه في الخمر:
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش، قال حدّثني فضل اليزيدي أنه سمع إسحاق الموصلي يوما يقول، وأنشد شعرا لأبي الهنديّ في صفة الخمر، فاستحسنه وقرّظه، فذكر عنده أبو نواس، فقال: ومن أين أخذ أبو نواس معانيه إلَّا من هذه الطبقة؟ وأنا أوجدكم سلخه هذه المعاني كلَّها في شعره، فجعل ينشد بيتا من شعر أبي الهنديّ، ثم يستخرج المعنى والموضع الَّذي سرقه الحسن فيه حين أتى على الأبيات كلها واستخرجها من شعره.
  شعر مأخوذ من شعره:
  أخبرني الحسن بن عليّ؛ قال: حدّثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال:
  / حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعد. قال: حدّثني شيخ من أهل البصرة، قال:
  كنا عند أبي عبيدة، فأنشد منشد شعرا في صفة الخمر - أنسيه الشيخ - فضحك ثم قال: هذا أخذه من قول أبي الهنديّ:
  سيغني أبا الهندي عن وطب(٤) سالم ... أباريق لم يعلق بها وضر(٥) الزّبد
(١) هذه الترجمة لم ترد في بولاق، ووردت في ملحق برنو، وموضعها هنا حسب المخطوطات المعتمدة.
(٢) في ف و «التجريد»: «المطوح»، وفي «المختار»: «المطوع».
(٣) ذو الرعثاث: الديك، والرعثاث: جمع رعثة، وهي عثنون الديك، والعثنون في الأصل؛ اللحية. ويراد بها هنا اللحمة الَّتي تحت رأس الديك.
(٤) الوطب: سقاء اللبن.
(٥) الوضر: وسخ الدسم.