كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

وممن غني في شعرة من ولد أبي محمد اليزيدي أبو جعفر أحمد بن محمد بن أبي محمد

صفحة 387 - الجزء 20

  نظر المأمون إلى يحيى بن أكثم يلحظ خادما له، فقال للخادم: تعرض له إذا قمت؛ فإني سأقوم للوضوء - وأمره ألا يبرح - وعد إليّ بما يقول لك، وقام المأمون، وأمر يحيى بالجلوس. فلما غمزه الخادم بعينه، قال يحيى:

  {لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}⁣(⁣١) فمضى الخادم إلى المأمون فأخبره، فقال له: عد إليه فقل له: {أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ}⁣(⁣١) فخرج الخادم إليه، فقال له ما أمره به المأمون، فأطرق يحيى وكاد يموت جزعا، وخرج المأمون وهو يقول:

  متى تصلح الدنيا ويصلح أهلها ... وقاضي قضاة المسلمين يلوط!

  / قم وانصرف، واتق اللَّه وأصلح نيتك⁣(⁣٢).

  يرتجل في مجلس المأمون بيت ويزيد المأمون بيتا عليه:

  حدثنا اليزيديّ قال: حدّثني ابن عمي إسحاق بن إبراهيم بن أبي محمد اليزيديّ عن أبيه إبراهيم قال:

  كنت عند المأمون يوما وبحضرته عريب، فقالت لي على سبيل الولع بي: يا سلعوس، وكان جواري المأمون يلقبنني بذلك عبثا، فقلت لها:

  قل لعريب لا تكوني مسلعسه ... وكوني كتزيف وكوني كمونسه

  فقال المأمون:

  فإن كثرت منك الأقاويل لم يكن ... هنا لك شك أنّ ذا منك وسوسة

  قال: فقلت: كذا واللَّه يا أمير المؤمنين أردت أن أقول، وعجبت من ذهن المأمون.

وممن غنّي في شعره من ولد أبي محمد اليزيدي أبو جعفر أحمد بن محمد بن أبي محمد

  فمن ذلك:

  صوت

  شوقي إليك على الأيام يزداد ... والقلب مذ غبت للأحزان معتاد

  يا لهف نفسي على دهر فجعت به ... كأنّ أيامه في الحسن أعياد

  الشعر لأحمد بن محمد بن أبي محمد، والغناء لبحر هزج، وفيه ثاني ثقيل مطلق. ذكر الهشامي أنه لإسحاق، وما أراه أصاب، ولا هو في جامع إسحاق، ولا يشبه صنعته.

  طرف من أخباره:

  وكان أحمد راوية لعلم أهله، فاضلا أديبا، وكان أسنّ ولد محمد بن أبي محمد، وكان أخوته جميعا يأثرون⁣(⁣٣)


(١ - ١) سورة سبأ: ٣١، ٣٢.

(٢) ف: «سريرتك».

(٣) يأثرون: يروون.