أخبار يزيد حوراء
  غنّى فيه المغنّون، وأخباره مع حمّاد عجرد في تهاجيهما فإنّها أيضا أفردت، وكذلك أخباره مع أبي هاشم الباهليّ فإنّا لم نجمع جميعها في هذا الموضع، إذ كان كلّ صنف منها مستغنيا بنفسه حسبما شرط في تصدير الكتاب.
٢٩ - أخبار يزيد حوراء
  ولاؤه، وهو مغن من طبقة ابن جامع والموصلي:
  يزيد حوراء رجل من أهل المدينة ثم من موالي بني ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، ويكنى أبا خالد، مغنّ محسن كثير الصّناعة، من طبقة ابن جامع وإبراهيم الموصليّ، وكان ممن قدم على المهديّ في خلافته فغنّاه، وكان حسن الصّوت حلو الشمائل.
  كان إبراهيم الموصلي يحسده فشاركه في جوار وتعلم إشارته منهن وأبطل عليه ما انفرد به:
  وذكر ابن خرداذبه(١) أنه بلغه أن إبراهيم الموصليّ حسده على شمائله وإشارته في الغناء، فاشترى عدّة جوار وشاركه فيهنّ، وقال له: علَّمهن فما رزق اللَّه فيهن من ربح فهو بيننا، وأمرهن أن يجعلن وكدهنّ(٢) أخذ إشارته(٣) ففعلن ذلك، وكان إبراهيم يأخذها عنهن هو وابنه ويأمرهن بتعليم كلّ من يعرفنه ذلك حتى شهرها في الناس؛ فأبطل عليه ما كان منفردا به من ذلك.
  كان صديقا لأبي العتاهية وغنى للمهدي من شعره في عتبة فأكرمه:
  أخبرني الحسن بن عليّ قال حدّثنا محمد بن موسى قال حدّثني جماعة من موالي الرشيد:
  أن يزيد حوراء كان صديقا لأبي العتاهية، فقال أبو العتاهية أبياتا في أمر عتبة يتنجّز فيها المهديّ ما وعد إيّاه من تزويجها، فإذا وجد المهديّ طيّب النفس غنّاه بها، وهي:
  ولقد تنسّمت الرياح حاجتي ... فإذا لها من راحتيك نسيم
  أشربت نفسي من رجائك ما له ... عنق يخبّ إليك بي ورسيم(٤)
  / ورميت نحو سماء جودك(٥) ناظري ... أرعى مخايل برقه وأشيم
  ولربّما استيأست ثم أقول لا، ... إنّ الَّذي ضمن النجاح كريم
  فصنع فيها لحنا وتوخّى لها وقتا وجد المهديّ فيه طيّب النفس فغنّاه بها، فدعا بأبي العتاهية وقال له: أمّا عتبة فلا سبيل إليها لأن مولاتها منعت من ذلك. ولكن هذه / خمسون ألف درهم فاشتر ببعضها خيرا من عتبة، فحملت إليه وانصرف.
(١) (انظر الحاشية رقم ٥ ص ٣٤٤ ج ٢ «أغاني» طبع دار الكتب المصرية).
(٢) الوكد: القصد.
(٣) في ب، س، ح: «إشاراته».
(٤) العنق والرسيم: ضربان من ضروب السير.
(٥) الجود (بفتح الجيم): المطر الغزير، ومن الجائز أن تكون بضم الجيم بمعنى الكرم. وفي «زهر الآداب»: «صوبك».