كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي مالك ونسبه

صفحة 442 - الجزء 22

٢٦ - أخبار أبي مالك ونسبه

  اسمه ونشأته

  أبو مالك النّضر بن أبي النّضر التميميّ، هذا أكثر ما وجدته من نسبه، وكان مولده ومنشؤه بالبادية.

  ثم وفد إلى الرشيد، ومدحه، وخدمه فأحمد مذهبه، ولحظته عناية من الفضل بن يحيى، فبلغ ما أحبّ، وهو صالح الشعر، متوسّط المذهب، ليس من طبقة شعراء عصره المجيدين، ولا من المرذولين.

  يرثي أباه

  أخبرني أبو دلف هاشم بن محمد الخزاعيّ قال: حدثنا أحمد بن الهيثم بن فراس قال:

  كان أبو مالك النضر بن أبي النضر التميميّ مع الرشيد، وكان أبوه مقيما بالبادية، فأصاب قوم من عشيرته الطريق، وقطعوه عن بعض القوافل، فخرج عامل ديار مضر - وكان يقال له جيّال - إلى ناحية كانت فيها طوائف من بني تميم، فقصدهم وهم غارّون⁣(⁣١)، فأخذ منهم جماعة فيهم أبو النضر أبو أبي مالك الأعرج، وكان ذا مال، فطلبه فيمن طلب من الجناة، وطمع في ماله، فضربه ضربا أتى فيه على نفسه، وبلغ ذلك أبا مالك فقال يرثيه:

  فيم يلحى على بكائي العذول ... والذي نابني فظيع جليل

  / عدّ هذا الملام⁣(⁣٢) عني إلى غي ... ري فقلبي ببثّه مشغول

  راعني والدي جنت كفّ جيّا ... ل عليه فراح وهو قتيل

  أيها الفاجعي بركني وعزّي ... هبلتني إن لم أرعك الهبول⁣(⁣٣)

  / سمتني خطَّة الصّغار وأظلم ... ت نهاري عليّ غالتك غول

  ما عداني الجفاء عنك ولكن ... لم يدلني⁣(⁣٤) من الزمان مديل

  زال عنا السرور إذ زلت عنا ... وازدهانا⁣(⁣٥) بكاؤنا والعويل

  ورأينا القريب منا بعيدا ... وجفانا صديقنا والخليل

  ورمانا العدوّ من كلّ وجه ... وتجنّى على العزيز الذليل


(١) غارون: غافلون.

(٢) س، ب: «الكلام».

(٣) هبلتني الهبول: ثكلتني أمي.

(٤) لم يدلني: لم ينصرني.

(٥) ازدهانا: استخفنا وأذهب وقارنا.