كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن العجلان

صفحة 431 - الجزء 22

٢٤ - أخبار عبد اللَّه بن العجلان

  اسمه ونسبه

  هو عبد اللَّه بن العجلان بن عبد الأحبّ بن عامر بن كعب بن صباح بن نهد بن زيد بن ليث بن أسود⁣(⁣١) بن أسلم ابن الحاف بن قضاعة. شاعر جاهلي أحد المتيمين من الشعراء ومن قتله الحب⁣(⁣٢) منهم.

  وكانت له زوجة يقال لها هند، فطلقها، ثم ندم على ذلك، فتزوجت زوجا غيره، فمات أسفا عليها.

  قصته تشبه قصة قيس ولبنى

  أخبرني محمد بن مزبد قال: حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه عن الهيثم بن عديّ قال:

  كان عبد اللَّه بن العجلان النهديّ سيدا في قومه وابن سيد من ساداتهم، وكان أبوه أكثر بني نهد مالا، وكانت هند امرأة عبد اللَّه بن العجلان التي يذكرها في شعره امرأة من قومه من بني نهد، وكانت أحبّ الناس إليه، وأحظاهم عنده، فمكثت معه سنين سبعا أو ثمانيا لم تلد، فقال له أبوه: إنه لا ولد لي غيرك، ولا ولد لك، وهذه المرأة عاقر، فطلَّقها، وتزوج غيرها، فأبى ذلك عليه، فآلى ألَّا يكلمه أبدا حتى يطلَّقها. فأقام على أمره، ثمّ عمد إليه يوما، وقد شرب الخمر حتى سكر، وهو جالس مع هند، فأرسل إليه أن صر إليّ، فقالت له هند: لا تمض إليه، فو اللَّه ما يريدك لخير، وإنما يريدك لأنه بلغه أنك سكران، فطمع فيك أن يقسم عليك، فتطلَّقني، فنم مكانك، ولا تمض إليه. فأبى، وعصاها، فتعلَّقت بثوبه، فضربها بمسواك، فأرسلته، وكان في يدها زعفران، فأثّر في ثوبه مكان يدها، ومضى إلى أبيه، فعاوده في أمرها، وأنّبه، وضعّفه، / وجمع عليه مشيخة الحيّ وفتيانهم، فتناولوه بألسنتهم، وعيّروه / بشغفه بها وضعف حزمه، ولم يزالوا به حتى طلَّقها. فلما أصبح خبّر بذلك، وقد علمت به هند، فاحتجبت عنه، وعادت إلى أبيها، فأسف عليها أسفا شديدا، فلما رجعت إلى أبيها خطبها رجل من بني نمير، فزوّجها أبوها منه، فبنى بها عندهم، وأخرجها إلى بلده. فلم يزل عبد اللَّه بن العجلان دنفا سقيما، يقول فيها الشعر، ويبكيها حتى مات أسفا عليها، وعرضوا عليه فتيات الحي جميعا فلم يقبل واحدة منهنّ، وقال في طلاقه إياها:

  فارقت هندا طائعا ... فندمت عند فراقها

  فالعين تذري دمعة ... كالدّر من آماقها

  متحلَّيا فوق الردا ... ء يجول من رقراقها

  خود رداح طفلة ... ما الفحش من أخلاقها


(١) في هج: «سود».

(٢) في هج: «العشق».