جميلة
  ٤ - ذكر جميلة وأخبارها
  ولاء جميلة وشعر عبد الرحمن بن أرطأة فيها
  : هي جميلة مولاة بني سليم ثم مولاة بطن منهم يقال لهم بنو بهز، وكان لها زوج من موالي بني الحارث بن الخزرج، وكانت تنزل فيهم، فغلب عليها ولاء زوجها، فقيل: إنها مولاة للأنصار، تنزل بالسّنح(١) وهو الموضع الذي كان ينزله أبو بكر الصّدّيق؛ ذكر ذلك إبراهيم بن زياد الأنصاري الأمويّ السّعيدي. وذكر عبد العزيز بن عمران أنها مولاة للحجّاج بن علاط السّلميّ وهي أصل من أصول الغناء، وعنها أخذ معبد وابن عائشة وحبابة وسلَّامة وعقيلة العقيقية والشّمّاسيّتان خليدة وربيحة. وفيها يقول عبد الرحمن بن أرطأة:
  صوت
  إنّ الدّلال وحسن الغنا ... ء سط بيوت بني الخزرج
  / وتلكم جميلة زين النساء ... إذا هي تزدان للمخرج
  إذا جئتها بذلت ودّها ... بوجه منير لها أبلج
  الشعر لعبد الرحمن بن أرطأة. والغناء لمالك خفيف ثقيل أوّل مطلق في مجرى الوسطى، ويقال: فيه الدّلال وجميلة لحنان.
  كانت أعلم خلق اللَّه بالغناء
  : أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن أبي جعفر القرشيّ عن المحرزيّ(٢) قال:
  كانت جميلة أعلم خلق اللَّه بالغناء؛ وكان معبد يقول: أصل الغناء جميلة وفرعه نحن، ولولا جميلة لم نكن نحن مغنّين.
  كيف تعلمت الغناء
  : قال إسحاق وحدّثني أيّوب بن عباية قال حدّثني رجل من الأنصار قال:
  سئلت جميلة: أنّى لك هذا الغناء؟ قالت: واللَّه ما هو إلهام ولا تعليم ولكنّ أبا جعفر سائب خاثر كان لنا جارا وكنت أسمعه يغنّي ويضرب بالعود فلا أفهمه، فأخذت تلك النّغمات فبنيت عليها غنائي، فجاءت أجود من تأليف ذلك الغناء، فعلمت وألقيت، فسمعني موالياتي(٣) يوما وأنا أغنّي سرّا ففهمنني ودخلن عليّ وقلن: قد علمنا فما تكتمينا. فأقسمن عليّ، فرفعت صوتي وغنّيتهنّ بشعر زهير بن أبي سلمى:
(١) السنح (بالضم وبضمتين): موضع قرب المدينة.
(٢) في ح: «المخرزي بالخاء المعجمة.
(٣) موالياتي: هو جمع الجمع، كصواحبات.