كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحسين بن مطير ونسبه

صفحة 280 - الجزء 16

٢ - أخبار الحسين بن مطير ونسبه

  نسبه وشعره

  هو الحسين بن مطير بن مكمّل، مولى لبني أسد بن خزيمة، ثم لبني سعد⁣(⁣١) بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد. وكان جده مكمل عبدا، فأعتقه مولاه. وقيل بل كاتبه، فسعى في مكاتبته حتى أدّاها وأعتق. / وهو من مخضرمي الدولتين: الأموية والعباسية، شاعر متقدم في القصيد والرجز، فصيح، قد مدح بني أمية وبني العباس.

  سكنه

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار، عن محمد بن داود بن الجراح، عن محمد بن الحسن بن الحرون: أنه كان من ساكني زبالة⁣(⁣٢)، وكان زيه وكلامه يشبه مذاهب الأعراب وأهل البادية. وذلك بيّن في شعره.

  إدراكه بني أمية

  ومما يدل على إدراكه دولة بني أمية، ومدحه إياهم، ما أخبرنا به يحيى بن عليّ بن يحيى إجازة، قال:

  أخبرني أبي، عن إسحاق بن إبراهيم الموصليّ، عن مرون بن أبي حفصة، قال: دخلت أنا وطريح بن إسماعيل الثقفيّ، والحسين بن مطير الأسدي، في عدة من الشعراء، على الوليد بن يزيد وهو في فرش قد غاب فيها⁣(⁣٣)، وإذا رجل كلما أنشد شاعر شعرا، وقف الوليد على بيت بيت منه، وقال: هذا أخذه من موضع كذا وكذا، وهذا المعنى نقله من شعر فلان، حتى أتى على أكثر الشعراء. فقلت: من هذا؟ قالوا: هذا حماد الرواية. فلما وقفت بين يدي الوليد / لأنشده، قلت: ما كلام هذا في مجلس أمير المؤمنين وهو لحانة. فتهانف⁣(⁣٤) الشيخ، ثم قال: يا بن أخي، أنا رجل أكلم العامة، وأتكلم بكلامها، فهل تروي من أشعار العرب شيئا؟ فذهب عني الشعر كله، إلا شعر ابن مقبل، فقلت: نعم، لابن مقبل. فأنشدته:

  سل الدار من جنبي حبرّ فواهب ... إلى ما رأى هضب القليب المضيح⁣(⁣٥)


(١) كذا في ف، ج، س، ب، و «نهاية الأرب»، و «تاج العروس». وفي أ، م: شعبة. تحريف.

(٢) زبالة: منزل بطريق مكة من الكوفة. وهي قرية عامرة، بها أسواق، فيها حصن وجامع لبني غاطرة، من بني أسد. (عن «معجم البلدان» لياقوت).

(٣) كذا في ف. وفي الأصول: عريش قد غاب عنا.

(٤) التهانف كما في ف: الضحك بالسخرية. نقله صاحب «تاج العروس» عن نسخة من «الكامل» للمبرد. وقيل إنه خاص بالنساء. وفي الأصول: فتهافت، أي تساقط قطعة قطعة، من الهفت، وهو السقوط. وأكثر ما يستعمل في الشر.

(٥) ورد هذا البيت محرّفا في نسخ «الأغاني». وأثبتناه مصححا عن «معجم البلدان» لياقوت، و «معجم ما استعجم» للبكري، و «منتهى الطلب من أشعار العرب»، لابن ميمون. وحبر وواهب: جبلان لبني سليم. وهضب القليب: ماء لبني قنفذ، من بني سليم.

والمضيح (بصيغة اسم المفعول): ماء لبني البكاء. وفي بعض ألفاظ البيت روايات أخر: يروى «واصف» في موضع «واهب»، وهو اسم ماء. ويزوى «إذا» في موضع «إلى»، ويروى «يرى» في موضع «رأى».