أخبار ابن مناذر ونسبه
١٦ - أخبار ابن مناذر ونسبه
  نسبه وكنيته
  هو محمّد بن مناذر مولى بني صبير بن يربوع، ويكنى أبا جعفر، وقيل: إنه كان يكنى أبا عبد اللَّه.
  ووجدت في بعض الكتب رواية عن ابن حبيب أنه كان يكنى أبا ذريح وقد كان له ابن يسمى ذريحا، فمات وهو صغير وإياه عنى بقوله:
  كأنّك للمنايا يا ... ذريح اللَّه صوّركا
  فناط بوجهك الشّعرى ... وبالإكليل قلَّدكا
  ولعلَّه اكتنى به قبل وفاته.
  وقال الجاحظ: كان محمّد بن مناذر مولى سليمان القهرمان، وكان سليمان مولى عبيد اللَّه بن أبي بكرة مولى رسول اللَّه ﷺ، وكان أبو بكرة عبدا لثقيف، ثم ادّعى عبيد اللَّه بن أبي بكرة أنه ثقفيّ، وادّعى سليمان القهرمان أنه تميميّ، وادّعى ابن مناذر أنه صليبة من بني صبير بن يربوع، فابن مناذر مولى مولى مولى، وهو دعيّ مولى دعيّ، وهذا ما لا يجتمع في غيره قط ممّن عرفناه وبلغنا خبره.
  كان إماما في العلم باللغة
  ومحمد بن مناذر شاعر فصيح مقدّم في العلم باللغة وإمام فيها، وقد أخذ عنه أكابر أهلها، وكان في أوّل أمره يتألَّه، ثم عدل عن ذلك فهجا الناس، وتهتّك وخلع، وقذف أعراض أهل البصرة حتى نفي عنها إلى الحجاز فمات هناك. وهذه الأبيات يرثي بها ابن مناذر عبد المجيد بن عبد الوهاب الثّقفيّ، وكان عبد الوهاب(١) محدّثا جليلا، وقد روى عنه وجوه المحدّثين وكبراء الرّواة، وكان ابن مناذر يهوى عبد المجيد هذا. فكان في أيّام حياته / مستورا متألَّها جميل الأمر، فلمّا مات عبد المجيد حال عن جميع ما كان عليه، وأخبارهما تذكر في مواضعهما.
  كان ناسكا في أول أمره، إلى أن فتن بعبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي فتهتك وفتك
  أخبرني عليّ بن سليمان الأخفش، قال: حدّثنا محمد بن يزيد النّحويّ، قال:
  كان ابن مناذر مولى صبير بن يربوع، وكان إماما في علم اللَّغة وكلام العرب، وكان في أوّل أمره ناسكا ملازما للمسجد، كثير النّوافل، جميل الأمر إلى أن فتن بعبد المجيد بن عبد الوهاب الثّقفيّ، فتهتّك بعد ستره، وفتك بعد نسكه، ثم ترامى به الأمر بعد موت عبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفيّ إلى أن شتم الأعراض وأظهر البذاء وقذف المحصنات، ووجبت عليه حدود، فهرب إلى مكة وبقي بها حتى مات.
(١) ف: «وكان عبد المجيد ...».