ذكر أبي خراش الهذلي وأخباره
١٥ - ذكر أبي خراش الهذلي وأخباره(١)
  أبو خراش اسمه خويلد بن مرّة، أحد بني قرد، واسم قرد عمرو بن معاوية بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار.
  شاعر فحل من شعراء المذكورين الفصحاء، مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام فأسلم وعاش بعد النبي ﷺ مدة، ومات في خلافة عمر بن الخطاب ¥، نهشته أفعى فمات، وكان ممن يعدو فيسبق الخيل في غارات قومه وحروبهم.
  يتربصون به فيفلت منهم
  : أخبرني حبيب بن نصر المهلبي وعمّي والحسن بن عليّ قالوا:
  حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدثنا أحمد بن عمير بن إسماعيل بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف قال: حدثني أبو بركة الأشجعيّ من أنفسهم قال:
  خرج أبو خراش الهذليّ من أرض هذيل يريد مكَّة، فقال لزوجته أمّ خراش: ويحك إني أريد مكَّة لبعض الحاجة، وإنك من أفك(٢) النساء، وإنّ بني الدّيل يطلبونني بتراث فإيّاك وأن تذكريني لأحد من أهل مكة حتى نصدر منها! قالت: معاذ اللَّه أن أذكرك لأهل مكة وأنا أعرف السبب.
  قال: فخرج بأم خراش وكمن لحاجته وخرجت إلى السوق لتشتري عطرا أو بعض ما تشتريه النساء من حوائجهن، فجلست إلى عطَّار فمر بها فتيان من بني الدّيل، فقال أحدهما لصاحبه: أمّ خراش وربّ الكعبة وإنّها لمن أفكّ النساء وإن كان أبو خراش معها فستدلَّنا عليه، قال: فوقفا عليها فسلما وأحفيا(٣) المسألة والسلام، فقالت: من أنتما / بأبي أنتما؟ فقالا: رجلان من أهلك من هذيل، قالت: بأبي أنتما. فإن أبا خراش معي ولا تذكراه لأحد، ونحن رائحون العشيّة، فخرج الرجلان فجمعا جماعة من فتيانهم وأخذوا مولى لهم يقال له مخلد وكان من أجود الرجال عدوا، فكمنوا في عقبة على طريقه، فلما رآهم قد لاقوه في عين الشمس قال لها: قتلتني وربّ الكعبة لمن ذكرتني؟ فقالت: واللَّه ما ذكرتك لأحد إلا لفتيين من هذيل، فقال لها: واللَّه ما هما من هذيل ولكنهما من بني الدّيل وقد جلسا لي وجمعا عليّ جماعة من قومهم فاذهبي أنت فإذا جزت عليهم فإنهم لن يعرضوا لك لئلا أستوحش فأفوتهم، فاركضي بعيرك، وضعي عليه العصا، والنجاء النجاء.
  قال: [فانطلقت](٤) وهي على قعود عقيلي يسابق الريح، فلما دنا منهم وقد تلثّموا ووضعوا تمرا على طريقه
(١) هذه الترجمة مما سقط من التراجم من طبعة بولاق وموضعها هنا حسب المخطوطات المعتمدة.
(٢) أفك النسا: أكذبهن.
(٣) أحفيا: أبديا الحفاوة والتلطف.
(٤) زيادة يقتضيها المقام.