سائب خاثر
  ١١ - ذكر سائب خاثر ونسبه
  نسب سائب خاثر
  كان سائب خاثر مولى بني ليث. وأصله من فيء كسرى، واشترى عبد اللَّه بن جعفر ولاءه من مواليه، وقيل:
  بل اشتراه فأعتقه، وقيل: بل كان على ولائه لبني ليث، وإنما انقطع إلى عبد اللَّه بن جعفر فلزمه وعرف به. وكان يبيع الطعام بالمدينة. واسم أبيه الذي أعتقه بنو ليث «يشا»(١).
  هو أوّل من عمل العود بالمدينة وغنى به وأخذ عنه المغنون الأولون
  قال ابن الكلبيّ وأبو غسّان وغيرهما: هو أوّل من عمل العود بالمدينة وغنّى به. وقال ابن خرداذبه: كان عبد اللَّه بن عامر اشترى إماء صنّاجات(٢) وأتى بهنّ المدينة، فكان لهنّ يوم في الجمعة يلعبن فيه، وسمع الناس منهنّ، فأخذ عنهنّ. ثم قدم رجل فارسيّ يسمّى بنشيط، فغنّى فأعجب عبد اللَّه بن جعفر به. فقال له سائب خاثر:
  أنا أصنع لك مثل غناء هذا الفارسيّ بالعربيّة، ثم غدا على عبد اللَّه بن جعفر وقد صنع:
  لمن الدّيار رسومها قفر
  قال ابن الكلبيّ: وهو أوّل صوت غنّي به في الإسلام من الغناء العربيّ المتقن الصنعة. قال: ثم اشترى عبد اللَّه بن جعفر نشيطا بعد ذلك، فأخذ عن سائب خاثر الغناء العربيّ وأخذ عنه ابن سريح وجميلة وعزّة الميلاء وغيرهم.
  قتل يوم الحرة
  : قال ابن الكلبيّ وحدّثني أبو مسكين قال:
  كان سائب خاثر يكنى أبا جعفر، ولم يكن يضرب بالعود إنما كان يقرع بقضيب ويغنّي مرتجلا، ولم يزل يغنّي. وقتل يوم الحرّة. ومرّ به بعض القرشيّين وهو قتيل، فضربه برجله وقال: إنّ هاهنا لحنجرة حسنة. وكان سائب من ساكني المدينة.
  قال ابن الكلبيّ: وكان سائب تاجرا موسرا يبيع الطعام، وكان تحته أربع نسوة، وكان انقطاعه إلى عبد اللَّه بن جعفر، وكان مع ذلك يخالط سروات الناس وأشرافهم لظرفه وحلاوته وحسن صوته. وكان قد آلى ألا يغنّي أحدا سوى عبد اللَّه بن جعفر، إلا أن يكون خليفة أو وليّ عهد أو ابن خليفة؛ فكان على ذلك إلى أن قتل. قال: وأخذ
(١) في ج: «بشا» بالباء الموحدة. وفي «تجريد الأغاني»: «يسار».
(٢) كذا في «نهاية الأرب» (ج ٢ ص ٢٣٧ من الطبعة الأولى). والصناجات: اللاعبات بالصنج وهو صفيحة مستديرة من نحاس تضرب بأخرى مثلها، وهو أيضا شيء ذو أوتار تختص به العجم. وفي الأصول: «نائحات».