ذكر خبر مضاض بن عمرو
٢ - ذكر خبر مضاض بن عمرو
  أمر إبراهيم # ابنه إسماعيل أن يتزوج ابنته:
  هو مضاض بن عمرو بن الحارث الجرهميّ. وكان جدّه مضاض قد زوّج ابنته رعلة، إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن، فولدت له إثنى عشر رجلا أكبرهم قيذار ونابت. وكان أبوه إبراهيم # أمره بذلك لأنّه لما بنى مكة وأنزلها ابنه قدم عليه قدمة من قدماته، فسمع كلام العرب وقد كانت طائفة من جرهم نزلت هنالك مع إسماعيل، فأعجبته لغتهم واستحسنها، فأمر إسماعيل # أن يتزوّج إليهم، فتزوّج بنت مضاض بن عمرو، وكان سيّدهم.
  حرب جرهم وقطوراء:
  فأخبرنا محمد بن جرير، قال: حدّثنا ابن حميد قال حدّثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق. وأخبرني محمد بن جعفر النحويّ قال: حدّثنا إسحاق بن أحمد الخزاعي قال حدّثنا محمد بن عبد اللَّه الأزرقي قال: حدّثني جدّي عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج عن محمد بن إسحاق. ورواية إسحاق بن أحمد أتمّ. وقد جمعتها:
  أن نابت بن إسماعيل ولي البيت بعد أبيه ثم توفّي، فولى مكانه جدّه لأمه مضاض بن عمرو الجرهمي، فضمّ ولد نابت بن إسماعيل إليه، ونزلت جرهم مع ملكهم مضاض بن عمرو بأعلى مكَّة، ونزلت قطوراء مع ملكهم السّميدع أجياد، أسفل مكة(١). وكان هذان البطنان خرجا سيّارة من اليمن، وكذلك كانوا لا يخرجون إلَّا مع ملك يملَّكونه عليهم، فلما رأوا مكَّة رأوا بلدا طيّبا، وماء وشجرا، فنزلا ورضي كلّ واحد منهما بصاحبه ولم ينازعه، فكان مضاض يعشر(٢) من جاء مكَّة من أعلاها، / وكان السّميدع يعشر من جاءها من أسفلها ومن كداء(٣) لا يدخل أحدهما على صاحبه في أمره، ثم إن جرهما وقطوراء بغى كلّ واحد منهما على صاحبه، فتنافسوا في الملك حتّى نشبت الحرب بينهم؛ وكانت ولاية البيت إلى مضاض دون السّميدع، فخرج مضاض من بطن قعيقعان مع كتيبته في سلاح شاك(٤) يتقعقع - فيقال: ما سميت قعيقعان إلا بذلك - وخرج السميدع من شعب(٥) أجياد، في الخيل الجياد والرجال - ويقال: ما سميت أجيادا إلا بذلك - حتى التقوا بفاضح، فاقتتلوا قتالا شديدا، وفضحت قطوراء - ويقال:
  ما سمّي فاضحا إلا بذلك - ثم تداعى القوم إلى الصلح فساروا حتّى نزلوا المطابخ شعبا بأعلى مكَّة، وهو الذي يقال
(١) أجياد: أرض بمكة، أو جبل بها.
(٢) عشره يعشره عشرا، من باب نصر: أخذ عشر ماله.
(٣) كذا في أ، ط، مب، مط. وفي سائر النسخ: «كدى». أما الممدودة فهي بفتح الكاف، وأما المقصورة فبضمها. فقيل المقصورة بأسفل مكة والممدودة بأعلاها، وقيل العكس أيضا. انظر «معجم البلدان».
(٤) السلاح الشاكي: ذو الشوكة والحد.
(٥) الشعب، بالكسر: الطريق في الجبل.