أخبار علي بن جبلة
٢ - أخبار عليّ بن جبلة
  نسبه ولقبه:
  هو عليّ بن جبلة بن عبد اللَّه الأبناويّ(١)، ويكنى أبا الحسن، ويلقب بالعكوّك، من أبناء الشيعة الخراسانية من أهل بغداد، وبها نشأ، وولد بالحربيّة(٢) من الجانب الغربيّ. وكان ضريرا، فذكر عطاء الملط أنه كان أكمه، وهو الَّذي يولد ضريرا، وزعم أهله أنه عمي بعد أن نشأ.
  استنفد شعره في مدح أبي دلف وحميد الطوسي:
  وهو شاعر مطبوع، عذب اللفظ جزله، لطيف العاني، مدّاح حسن التصرف. واستنفد شعره في مدح أبي دلف القاسم بن عيسى العجلي، وأبي غانم حميد بن عبد الحميد الطَّوسيّ، وزاد في تفضيلهما وتفضيل أبي دلف خاصة حتى فضّل من أجله ربيعة على مضر، وجاوز / الحد في ذلك. فيقال: إن المأمون طلبه حتى ظفر به، فسلّ لسانه من قفاه، ويقال: بل هرب، ولم يزل متواريا منه حتى مات ولم يقدر عليه؛ وهذا هو الصحيح من القولين، والآخر شاذ.
  نشأته وتربيته:
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار الثقفيّ قال: حدّثني الحسين بن عبد اللَّه بن جبلة بن عليّ بن جبلة قال:
  كان لجدّي أولاد، وكان عليّ أصغرهم، وكان الشيخ يرقّ عليه، فجدر، فذهبت إحدى عينه في الجدريّ، ثم نشأ فأسلم في الكتّاب، فحذق بعض ما يحذقه الصبيان، فحمل على دابّة ونثر عليه اللَّوز، فوقعت على عينيه الصحيحة لوزة فذهبت، فقال الشيخ لولده: أنتم لكم أرزاق من السلطان، فإن أعنتموني على هذا الصبيّ، / وإلَّا صرفت بعض أرزاقكم إليه. فقلنا: وما تريد؟ قال: تختلفون به إلى مجالس الأدب
  يقصد أبا دلف: ويمدحه فيتهم بانتحال القصيدة فيطلب أن يمتحن:
  قال: فكنا نأتي به مجالس العلم ونتشاغل نحن بما يلعب به الصبيان، فما أتى عليه الحول حتى برع، وحتى كان العالم إذا رآه قال لمن حوله: أوسعوا للبغويّ(٣) وكان ذكيا مطبوعا، فقال الشعر، وبلغه أنّ الناس يقصدون أبا دلف لجوده وما كان يعطي الشعراء، فقصده - وكان يسمّى العكوّك - فامتدحه بقصيدته الَّتي أولها:
  ذاد ورد الغيّ عن صدره ... وارعوى واللهو من وطره
  يقول فيها في مدحه:
  يا دواء الأرض أن فسدت ... ومديل اليسر من عسره
(١) كذا في ف، وفي ب، س: «الأنباريّ».
(٢) الحربية: محلة كبيرة ببغداد، تنسب إلى حرب بن عبد اللَّه البلخي، أحد قواد المنصور.
(٣) لعلّ المراد به المنسوب إلى بغشور: بفتح فسكون فضم، بلدة بين هراة ومرو الروز، والنسبة إليها بغوي. ويقال لها أيضا: بغ.