كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار السموءل ونسبه

صفحة 351 - الجزء 22

  المرار يتوارثونها ملك عن ملك⁣(⁣١)، ومعه بنته هند، وابن عمه يزيد بن الحارث بن معاوية بن الحارث، وسلاح ومال كان بقي معه، ورجل من بني فزارة يقال له: الربيع بن ضبع شاعر، فقال له الفزاريّ: قل في السموءل شعرا تمدحه به، فإن الشعر يعجبه وأنشده الربيع شعرا مدحه به وهو قوله:

  ولقد أتيت بني المصاص مفاخرا ... وإلى السموءل زرته بالأبلق⁣(⁣٢)

  فأتيت أفضل من تحمّل حاجة ... إن جئته في غارم أو مرهق⁣(⁣٣)

  عرفت له الأقوام كلّ فضيلة ... وحوى المكارم سابقا لم يسبق

  / قال: فقال امرؤ القيس فيه قصيدته:

  طرقتك هند بعد طول تجنّب ... وهنا ولم تك قبل ذلك تطرق

  قال: وقال الفزاري: إن السموءل يمنع منك حتى يرى ذات عينك، وهو في حصن حصين ومال كثير، فقدم به على السموءل، وعرفه إياه، وأنشداه الشعر، فعرف لهما حقّهما، وضرب على هند قبّة من أدم، وأنزل القوم في مجلس له براح، فكانت عنده ما شاء اللَّه⁣(⁣٤).

  امرؤ القيس يستودعه ودائعه ويرحل

  ثم إن امرأ القيس سأله أن يكتب له إلى الحارث بن أبي شمر الغسّاني أن يوصله إلى قيصر، ففعل، واستصحب معه رجلا يدله على الطريق، وأودع بنيه⁣(⁣٥) وماله وأدراعه السموءل، ورحل إلى الشام، وخلَّف ابن عمه يزيد بن الحارث مع ابنته هند، قال: ونزل الحارث بن ظالم في بعض غاراته بالأبلق؛ ويقال: بل الحارث بن أبي شمر الغساني؛ ويقال: بل كان المنذر وجه بالحارث بن ظالم في خيل، وأمره بأخذ مال امرئ القيس من السموءل.

  يضحي بابنه في سبيل الوفاء

  فلما نزل به تحصن منه، وكان له ابن قد يفع وخرج إلى قنص له، فلما رجع أخذه الحارث بن ظالم، ثم قال للسموءل: أتعرف هذا؟ قال: نعم، هذا ابني، قال: أفتسلَّم ما قبلك أم أقتله؟ قال: شأنك به، فلست أخفر ذّمتي، ولا أسلم مال جاري، فضرب الحارث وسط الغلام، فقطعه قطعتين، وانصرف عنه؛ فقال السموءل في ذلك:

  وفيت بأدرع الكنديّ إني ... إذا ما ذمّ أقوام وفيت

  وأوصى عاديا يوما بألَّا ... تهدّم يا سموءل ما بنيت

  بنى لي عاديا حصنا حصينا ... وماء كلَّما شئت استقيت


(١) في بعض النسخ: «يتوارثونها ملكا عن ملك» بالنصب على الحالية، لا بالرفع على البدلية، كما في ب، وكلاهما صحيح.

(٢) «المختار»، هد، هج «بني المضاض» بالضاد المعجمة، لا بالصاد المهملة، كما في ب، وفي بعض النسخ: «جئته» بدل «زرته».

(٣) في «المختار»:

«في موثق أو مرهق»

(٤) في هد: «فأقاما عنده ما شاء اللَّه».

(٥) في هد: «وأودع أمته»، وفي هج: «وأودع ابنته».