كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر أخبار يونس الكاتب

صفحة 529 - الجزء 4

٥٥ - ذكر أخبار يونس الكاتب

  نسب يونس الكاتب ومنشؤه ومن أخذ عنهم، وهو أوّل من دوّن الغناء:

  هو يونس بن سليمان بن كرد بن شهريار، من ولد هرمز. وقيل: إنّه مولى لعمرو بن الزّبير. ومنشؤه ومنزله بالمدينة. وكان أبوه فقيها⁣(⁣١)، فأسلمه في الديوان فكان من كتّابه. وأخذ الغناء عن معبد وابن سريج وابن محرز والغريض، وكان أكثر روايته عن معبد؛ ولم يكن في أصحاب معبد أحذق ولا أقوم بما أخذ عنه منه. وله غناء حسن، وصنعة كثيرة، وشعر جيّد. وكتابه في الأغاني ونسبها إلى من غنّى فيها هو الأصل الذي يعمل عليه ويرجع إليه. وهو أوّل من دوّن الغناء.

  شعر مسعود بن خالد في مدحه:

  أخبرنا محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا حماد بن إسحاق قال حدّثني أبي قال / أنشدني مسعود بن خالد الموريانيّ⁣(⁣٢) لنفسه في يونس:

  يا يونس الكاتب يا يونس ... طاب لنا اليوم بك المجلس

  إنّ المغنّين إذا ما هم ... جاروك أخنى بهم المقبس

  تنشر ديباجا وأشباهه ... وهم إذا ما نشروا كربسوا⁣(⁣٣)

  خرج مع بعض فتيان المدينة إلى دومة فتغنوا واجتمع عليهم النساء فتغنى ابن عائشة ففرق جمعهم إليه:

  أخبرني الحسين بن يحيى عن حمّاد عن أبيه قال: ذكر إبراهيم بن قدامة الجمحيّ قال:

  اجتمع فتيان من فتيان أهل المدينة فيهم يونس الكاتب وجماعة ممن يغنّي، فخرجوا إلى واد يقال له دومة من بطن العقيق، في أصحاب لهم فتغنّوا، واجتمع / إليهم نساء أهل الوادي - قال بعض من كان معهم: فرأيت حولنا مثل مراح الضأن - وأقبل محمد بن عائشة ومعه صاحب له؛ فلمّا رأى جماعة النساء عندهم حسدهم، فالتفت إلى صاحبه فقال: أما واللَّه لأفرّقنّ هذه الجماعة! فأتى قصرا من قصور العقيق، فعلا سطحه وألقى رداءه واتّكأ عليه وتغنّى:


(١) في «مختصر الأغاني» لابن واصل الحموي: «وكان أبوه مقيما بها».

(٢) كذا في أكثر الأصول، وهو الموافق لما في «تاريخ الطبري» (قسم ثالث ص ٣٧٠ و ٣٧٢ طبع أوروبا). والمورياني (بضم الميم وكسر الراء): نسبة إلى موريان: قرية بخوزستان. وفي م: «المرزباني» وهو تحريف.

(٣) كربسوا: أتوا بالكرابيس، وهي الثياب الخشنة من القطن.