كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر مخارق وأخباره

صفحة 477 - الجزء 18

٢٢ - ذكر مخارق وأخباره⁣(⁣١)

  نسبه

  هو مخارق بن يحيى بن ناووس الجزّار مولى الرّشيد، وقيل: بل ناووس لقب أبيه يحيى، ويكنى أبا المهنّأ، كناه الرشيد بذلك.

  وكان قبله لعاتكة بنت شهدة، وهي من المغنّيات المحسنات المتقدّمات في الضّرب، ذكر ذلك مخارق واعترف به. ونشأ بالمدينة، وقيل: بل كان منشؤه بالكوفة.

  بان طيب صوته فعلمته مولاته الغناء

  وكان أبوه جزّارا مملوكا، وكان مخارق وهو صبيّ ينادي على ما يبيعه أبوه⁣(⁣٢) من اللحم، فلما بان طيب صوته علَّمته مولاته طرفا من الغناء، ثم أرادت بيعه، فاشتراه إبراهيم الموصليّ منها، وأهداه للفضل بن يحيى، فأخذه الرّشيد منه، ثم أعتقه.

  اشتراه إبراهيم الموصلي ثم وهبه إلى الفضل بن يحيى ثم صار إلى الرشيد

  أخبرني الحسين بن يحيى، قال: قال حمّاد: حدّثني زكريّا مولاهم، وأخبرني محمد بن يحيى الصّوليّ، قال: حدّثني عبيد اللَّه بن محمد بن عبد الملك، قال: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن زكريّا مولاهم، قال:

  قدمت مولاة مخارق به من الكوفة، فنزلت المخرّم⁣(⁣٣)، وصار إبراهيم إلى جدّي الأصبغ بن سنان المقيّن⁣(⁣٤) وسيرين⁣(⁣٥) بن طرخان النّخّاس، فقالا له: إن / ها هنا امرأة من أهل الكوفة قد قدمت ومعها غلام يتغنّى، فأحبّ أن تنفعها فيه، قال: فوجّهني مع مولاته لأحمله، فوجدته متمرّغا في رمل الجزيرة التي بإزاء المخرّم وهو يلعب، فحملته خلفي وأتيت به إبراهيم، فتغنّى بين يديه فقال لها: كم أملك فيه؟ قالت: عشرة آلاف درهم، قال: قد أخذته بها وهو خير منها. فقالت: أقلني، قال: قد فعلت، فكم أملك فيه؟ قالت: عشرون ألفا، قال: قد أخذته بها وهو خير منها. فقالت: واللَّه ما تطيب نفسي أن أمتنع⁣(⁣٦) من عشرين ألف درهم بكبد رطبة، فهل لك فيّ خصلة تعطيني به ثلاثين ألف درهم ولا أستقيلك⁣(⁣٧) بعدها؟ فقال: قد فعلت وهو خير منها، فصفقت على يده⁣(⁣٨) وبايعته، وأمر


(١) جاءت هذه الترجمة في الجزء الحادي والعشرين ١٤٣ - ١٥٩، وسقطت من طبعة بولاق وموضعها هنا، كما جاءت في نسخة ف وغيرها من النسخ الخطية الموثوقة.

(٢) ف: «أبو مخارق».

(٣) المخرم (بكسر الراء): محلة كانت ببغداد بين الرصافة ونهر المعلى منسوبة إلى مخرم بن يزيد بن شريح.

(٤) المقين من قيّنه تقيينا: زيّنه.

(٥) في «المختار»: «شيرين بن طرخان». وفي مج: «بشر بن طرخان»، وفي ما: «ابن طرخان».

(٦) ف، «المختار»: «واللَّه ما تطيب نفسي أن أمنع كبدا رطبة عشرين ألف درهم».

(٧) ف: «ولا أستقلك». واستقاله البيع: طلب إليه أن يفسخه.

(٨) صفقت على يده: ضربت يدها على يده، وذلك وجوب البيع.