أخبار كعب ونسبه ومقتله
١٢ - أخبار كعب ونسبه ومقتله
  اسمه ونسبه
  كعب بن الأشرف مختلف في نسبه، فزعم ابن حبيب أنه من طَّيء، وأمه من بني النّضير، وأن أباه توفي وهو صغير، فحملته أمه إلى أخواله، فنشأ فيهم، وساد، وكبر أمره، وقيل: بل هو من بني النّضير.
  وكان شاعرا فارسا، وله مناقضات مع حسان بن ثابت وغيره في الحروب التي كانت بين الأوس والخزرج، تذكر في مواضعها إن شاء اللَّه تعالى - وهو شاعر من شعراء اليهود فحل فصيح، وكان عدوا للنبي ﷺ يهجوه، ويهجو أصحابه، ويخذّل منه العرب، فبعث النبي ﷺ نفرا من أصحابه، فقتلوه في داره.
  ذكر خبره في ذلك
  كان كعب بن الأشرف يهجو النبيّ ﷺ، ويحرّض عليه كفّار قريش في شعره، وكان النبي ﷺ قدم المدينة، وهي أخلاط، منهم المسلمون الذين تجمعهم دعوة النبي ﷺ، ومنهم المشركون الذين يعبدون الأوثان، ومنهم اليهود، وهم أهل الحلقة(١) والحصون، وهم حلفاء الحيين الأوس والخزرج، فأراد النبي ﷺ - إذ قدم - استصلاحهم كلَّهم، وكان الرجل يكون مسلما وأبوه مشرك، ويكون مسلما وأخوه مشرك، وكان المشركون واليهود حين قدم النبي ﷺ يؤذونه وأصحابه أشدّ الأذى، فأمر اللَّه نبيه والمسلمين بالصّبر على ذلك والعفو عنهم، وأنزل في شأنهم: {ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ(٢)} الآية. وأنزل فيهم: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ(٣)} / إلى قوله:
  {واصْفَحُوا} فلما أبى كعب بن الأشرف أن ينزع عن أذى النبي ﷺ وأصحابه أمر النبي ﷺ سعد بن معاذ أن يبعث إليه رهطا، فيقتلوه، فبعث إليه محمد بن مسلمة وأبا عبس بن جبير، والحارث ابن أخي سعد، في خمسة رهط، فأتوه عشيّة، وهو في مجلس قومه بالعوالي، فلما رآهم كعب أنكر شأنهم، وكان يذعر منهم، فقال لهم: ما جاء بكم؟ فقالوا: جئنا لنبيعك أدراعا نستنفق أثمانها، فقال: واللَّه لئن فعلتم ذلك لقد جهدتم(٤) مذ نزل بكم هذا الرجل، ثم واعدهم أن يأتوه عشاء حين تهدأ أعين الناس، فجاؤوا، فناداه رجل منهم،
(١) الحلقة: يراد بها حلقة القوم، أو حلقة البئر.
(٢) سورة آل عمران الآية ١٨٦.
(٣) سورة البقرة الآية ١٠٩.
(٤) جهدتم: افتقرتم، وساءت حالكم، ويقصد بالرجل محمدا ﷺ.