أخبار المخبل القيسي ونسبه
١٣ - أخبار المخبل القيسي ونسبه(١)
  حبة بنتي عم له:
  قال عبد اللَّه بن أبي سعد الوراق - فيما أخبرني به حبيب بن نصر المهلَّبيّ، إجازة عنه -: حدّثني عليّ بن الصباح بن الفرات، قال: أخبرني عليّ بن الحسن بن أيوب النبيل، عن رباح بن قطيب بن زيد الأسديّ، قال:
  كانت عند رجل من قيس يقال له: كعب - بنت عمّ له، وكانت أحبّ الناس إليه فخلا بها ذات يوم فنظر إليها وهي واضعة ثيابها، فقال: يا أم عمرو، هل ترين أن اللَّه خلق أحسن منك؟ قالت: نعم، أختي ميلاء، هي أحسن مني.
  ينكشف حبه فيرحل ولا يدري مكانه:
  قال: فإني أحب أن أنظر إليها، فقالت: إن علمت بك لم تخرج إليك، ولكن كن من وراء السّتر، ففعل، وأرسلت إليها فجاءتها، فلما نظر إليها عشقها وانتظرها حتى راحت إلى أهلها، فاعترضها فشكا إليها حبّها، فقالت:
  واللَّه يا بن عمّ، ما وجدت من شيء إلَّا وقد وقع لك في قلبي أكثر منه. وواعدته مرة أخرى، فأتتهما أم عمرو وهما لا يعلمان، فرأتهما جالسين، فمضت إلى إخوتها - وكانوا سبعة - فقالت: إما أن تزوجوا ميلاء كعبا، وإما أن تكفوني أمرها. وبلغهما الخبر، ووقف إخوتها على ذلك، فرمى بنفسه نحو الشام حياء منهم، وكان منزله ومنزل أهله الحجاز، فلم يدر أهله ولا بنو عمه أين ذهب، فقال كعب:
  شعره في أرض الغربة:
  أفي كلّ يوم أنت من لاعج الهوى ... إلى الشّمّ من أعلام ميلاء ناظر
  بعمشاء من طول البكاء كأنما ... بها خزر أو طرفها متخازر
  تمنّى المنى حتى إذا ملَّت المنى ... جرى واكف من دمعها متبادر
  كما ارفضّ عنها بعد ما ضمّ ضمة ... بخيط الفتيل اللؤلؤ التناثر
  تدل رواية شعره على مكانه:
  قال: فرواه عنه رجل من أهل الشام، ثم خرج بعد ذلك الشاميّ يريد مكة، فاجتاز بأم عمرو وأختها ميلاء، وقد ضل الطريق، فسلم عليهما ثم سألهما عن الطريق، فقالت أم عمرو: يا ميلاء(٢)، صفي له الطريق، فذكر - لما نادت: يا ميلاء - شعر كعب هذا، فتمثل به، فعرفت أم عمرو الشعر، فقالت: يا عبد اللَّه، من أين أنت؟ قال: رجل من أهل الشام. قالت: من أين رويت هذا الشعر؟ قال: رويته عن أعرابي بالشام، قالت: أو تدري ما اسمه؟
  فقال: سمعت أنه كعب، فأقسمت عليه: لا تبرح حتى تعرّف إخوتنا بذلك فنحسن إليك نحن وهم، وقد أنعمت
(١) هذه الترجمة لم ترد في طبعة بولاق، ووردت في ملحق برنو، وموضعها هنا حسب المخطوطات المعتمدة.
(٢) في س، ب: «ملاء»، وهو تحريف.