3 - ذكر الهذلي وأخباره
٢ - ذكر الهذلي وأخباره
  نسب الهذلي وصناعته:
  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثني هارون بن محمد بن عبد الملك قال حدّثني حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال:
  الهذليان أخوان يقال لهما سعيد وعبد آل ابنا مسعود؛ فالأكبر منهما يقال له سعيد، ويكنى أبا مسعود، وأمه امرأة يقال لها أمّ فيعل، وكان كثيرا ما ينسب إليها، وكان ينقش الحجارة بأبي قبيس، وكان فتيان من قريش يروحون إليه كلّ عشيّة فيأتون بطحاء يقال لها بطحاء قريش فيجلسون عليها، ويأتيهم فيغنّي لهم ويكون معهم. وقد قيل: إن الأكبر هو عبد آل، والأصغر سعيد.
  كان يغني فتيان قريش وهو يزاول صناعته في نقش الحجارة:
  قال هارون وحدّثني الزبير بن بكَّار قال حدّثني حمزة بن عتبة اللهبيّ:
  أنّ الهذليّ كان نقّاشا يعمل البرم من حجارة الجبل، وكان يكنى أبا عبد الرحمن، وكان إذا أمسى راح فأشرف على المسجد ثم غنّى، فلا يلبث أن يرى الجبل كقرص الخبيص(١) صفرة وحمرة من أردية قريش؛ فيقولون: يا أبا عبد الرحمن، أعد؛ فيقول: أمّا واللَّه وها هنا حجر أحتاج إليه لم يرد الأبطح فلا؛ فيضعون أيديهم في الحجارة حتى يقطعوها له ويحدروها إلى الأبطح، وينزل معهم حتى يجلس على أعظمها حجرا ويغنّي لهم.
  / قال هارون وحدّثني حمّاد بن إسحاق عن أبي مسعود بن(٢) أبي جناح قال أخبرني أبو لطيف وعمارة قالا:
  تغنّى الهذليّ الأكبر، وكان من أنفسهم، وكان فتيان قريش يروحون كلّ عشيّة حتى يأتوا بطحاء يقال لها بطحاء قريش قريبا من داره، فيجلسون عليها ويأتيهم فيغنيّهم.
  أجازه الحارث بن خالد لما سمع غناءه:
  قال: وأخبرني ابن أبي طرفة عن الحسن بن عبّاد الكاتب مولى آل الزّبير قال:
  هجم الحارث بن خالد، وهو يومئذ أمير مكة، على الهذليّ وهو مع فتيان قريش بالمفجر(٣) يغنّيهم وعليه جبّة صوف، فطرح عليه مقطَّعات خزّ، فكانت هذه أوّل ما تحرّك لها.
(١) الخبيص: نوع من الحلواء يعمل من التمر والسمن.
(٢) في ط، ء، م: «عن أبي مسعود عن أبي جناح».
(٣) المفجر بالفتح ثم السكون وفتح الجيم: موضع بمكة ما بين الثنية التي يقال لها الخضراء إلى خلف دار يزيد بن منصور (انظر «معجم البلدان» لياقوت).