كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

14 - أخبار ابن عباد

صفحة 405 - الجزء 6

١٤ - أخبار ابن عبّاد

  نسبه وكنيته وصناعته:

  هو محمد بن عبّاد، مولى بني مخزوم، وقيل: إنه مولى بني جمح، ويكنى أبا جعفر. مكَّيّ، من كبراء المغنّين من الطبقة الثانية منهم. وقد ذكره يونس الكاتب فيمن أخذ عنه الغناء، متقن الصنعة كثيرها. وكان أبوه من كتّاب الديوان بمكة؛ فلذلك قيل ابن عبّاد الكاتب.

  قابله مالك وطلب منه الغناء ففعل فذمه:

  أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدّثنا عمر بن شبّة عن إسحاق، وأخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن عثمان بن حفحص الثّقفي عن أبي خالد الكنانيّ عن ابن عبّاد الكاتب قال:

  واللَّه إني لأمشي بأعلى مكة في الشّعب⁣(⁣١)، إذ أنا بمالك على حمار له ومعه فتيان⁣(⁣٢) من أهل المدينة، فظننت أنهم قالوا له: هذا ابن عبّاد؛ فمال إليّ فملت إليه؛ فقال لي: أنت ابن عبّاد؟ قلت: / نعم؛ قال: مل معي هاهنا، ففعلت؛ فأدخلني شعب ابن عامر ثم أدخلني دهليز ابن عامر وقال: غنّني؛ فقلت: أغنّيك هكذا وأنت مالك! - وقد كان يبلغني أنه يثلب أهل مكة ويتعصّب عليهم - فقال: باللَّه إلا غنّيتني صوتا من صنعتك. فاندفعت فغنّيته:

  صوت

  ألا يا صاحبيّ قفا قليلا ... على ربع تقادم بالمنيف⁣(⁣٣)

  فأمست دارهم⁣(⁣٤) شحطت وبانت⁣(⁣٥) ... وأضحى القلب يخفق ذا وجيف

  / وما غنّيته إياه إلا على احتشام. فلما فرغت نظر إليّ وقال لي: قد واللَّه أحسنت! ولكنّ حلقك كأنه حلق زانية. فقلت: أمّا إذ أفلت منك بهذا فقد أفلتّ. وهذا اللحن من صدور غناء ابن عباد. ولحنه من الثقيل الثاني بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى.


(١) كذا في ب، س. وفي سائر الأصول: «في الشعر».

(٢) في ح: «فتيان من أهل المدينة فما ظننت إلا أنهما قالا له».

(٣) المنيف: موضع قبل عمق (بفتح أوله وإسكان ثانيه: ماء ببلاد مزينة من أرض الحجاز) وقيل: المنيف: حصن في جبل صبر (ككتف) من أعمال تعز (بالفتح ثم الكسر والزاي مشددة) باليمن. وهناك منيف لحج أيضا وهو حصن قرب عدن.

(٤) في ح: «دورهم».

(٥) كذا في ح. وفي سائر الأصول: «وناءت».