أخبار المؤمل ونسبه
٢٥ - أخبار المؤمل ونسبه
  اسمه ونسبه
  المؤمل بن أميل بن أسيد المحاربيّ. من محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر، شاعر كوفيّ من مخضرمي شعراء الدولتين الأموية والعباسية، وكانت شهرته في العباسية أكثر، لأنه كان من الجند المرتزقة معهم ومن يخصّهم(١)، ويخدمهم من أوليائهم، وانقطع إلى المهديّ في حياة أبيه وبعده. وهو صالح المذهب في شعره ليس من المبرّزين الفحول ولا المرذولين، وفي شعره لين(٢)، وله طبع صالح.
  يتمنى العمى فيستجاب له
  وكان يهوى امرأة من أهل الحيرة يقال لها هند، وفيها يقول قصيدته المشهورة:
  شف المؤمّل يوم الحيرة النظر ... ليت المؤمل لم يخلق له بصر
  يقال: إنه رأى في منامه رجلا أدخل أصبعيه في عينيه، وقال: هذا ما تمنيت، فأصبح أعمى.
  المهدي يغدق والمنصور ينتقص
  أخبرني حبيب بن نصر المهلبيّ، قال: حدثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدثنا عبد اللَّه بن الحسن الحرّانيّ، قال: حدثني أبو قدامة، قال: حدثني المؤمّل قال:
  قدمت على المهديّ وهو بالرّي، وهو إذ ذاك وليّ عهد، فامتدحته بأبيات، فأمر لي بعشرين ألف درهم، فكتب بذلك صاحب البريد إلى أبي جعفر المنصور، وهو بمدينة السلام يخبره أن الأمير المهديّ أمر لشاعر بعشرين ألف درهم، فكتب إليه يعذله ويلومه، ويقول له: إنما ينبغي أن تعطى لشاعر بعد أن يقيم ببابك سنة أربعة آلاف درهم، / وكتب إلى كاتب المهدي أن يوجّه إليه بالشاعر، فطلب، ولم يقدر عليه، وكتب إلى أبي جعفر أنه قد توجّه إلى(٣) مدينة السلام، فأجلس قائدا من قواده على جسر النهروان، وأمره أن يتصفّح الناس رجلا رجلا، فجعل لا يمرّ به قافلة، إلا تصفّح من فيها، حتى مرت به القافلة التي فيها المؤمّل، فتصفحهم، فلما سأله من أنت؟ قال:
  أنا المؤمّل بن أميل المحاربي الشاعر، أحد زوار الأمير المهديّ، فقال: إياك طلبت، قال المؤمل: فكاد قلبي ينصدع(٤) خوفا من أبي جعفر.
(١) في هد: «يخضرهم» بدل «يخصهم».
(٢) في هد: «وفي شعره لغة ودين».
(٣) كذا في ف، هد، هج، وفي س، ب: «توجه مدينة».
(٤) كذا في ف، بدون أن وهو أفصح.