ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره
  
٣٩ - ذكر نسب أبي العتاهية وأخباره
  سوى ما كان منها مع عتبة، فإنه أفرد لكثرة الصنعة في تشبيبه بها، وأنها اتسعت جدا فلم يصلح ذكرها هنا، لئلا تنقطع المائة الصوت المختارة، وهي تذكر في موضع آخر إن شاء اللَّه تعالى.
  اسمه ولقبه وكنيته ونشأته:
  أبو العتاهية لقب غلب عليه. واسمه إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان، مولى عنزة. وكنيته أبو إسحاق. وأمّه أمّ زيد بنت زياد المحاربيّ مولى بني زهرة؛ وفي ذلك يقول أبو قابوس النّصرانيّ وقد بلغه أنّ أبا العتاهية فضّل عليه العتّابيّ:
  قل للمكنّي نفسه ... متخيّرا بعتاهيه
  والمرسل الكلم القبي ... ح وعته أذن واعيه
  إن كنت سرّا سؤتني ... أو كان ذاك علانيه
  فعليك لعنة ذي الجلا ... ل وأمّ زيد زانيه
  مناحيه الشعرية:
  ومنشؤه بالكوفة. وكان في أوّل أمره يتخنّث ويحمل زاملة المخنّثين، ثم كان يبيع الفخّار بالكوفة، ثم قال الشعر فبرع فيه وتقدّم. ويقال: أطبع الناس بشار / والسيّد(١) وأبو العتاهية. وما قدر أحد على جمع شعر هؤلاء الثلاثة لكثرته. وكان غزير البحر، لطيف المعاني، سهل الألفاظ، كثير الافتنان، قليل التكلف، إلا أنه كثير الساقط المرذول مع ذلك. وأكثر شعره في الزهد والأمثال. وكان قوم من أهل عصره ينسبونه إلى القول بمذهب الفلاسفة ممن لا يؤمن بالبعث، ويحتجّون بأنّ شعره إنما هو في ذكر الموت والفناء دون ذكر النّشور والمعاد. وله أوزان طريفة(٢) قالها مما لم يتقدّمه الأوائل فيها. وكان أبخل الناس مع يساره وكثرة ما جمعه من الأموال.
  سبب كنيته:
  حدّثني محمد بن يحيى الصّوليّ قال أخبرني محمد بن موسى بن حمّاد قال:
  قال المهديّ يوما لأبي العتاهية: أنت إنسان متحذلق(٣) معتّه(٤). فاستوت له من ذلك كنية غلبت عليه دون
(١) يعني السيد الحميريّ؛ واسمه إسماعيل بن محمد أبو هاشم، وقد أورد له أبو الفرج ترجمة في (ج ٧ ص ٢٢٩ - ٢٧٨ من هذه الطبعة).
(٢) كذا فيء، م. وفي سائر النسخ: «ظريفة» بالظاء المعجمة.
(٣) المتحذلق: المتكيس المتظرف.
(٤) يقال: رجل معته، إذا كان مجنونا مضطربا في خلقه. وقد ذكر صاحب «اللسان» (في مادة عنه) هذا الخبر فقال: «وأبو العتاهية