يوم شعب جبله
  هلَّا سألت بيومي رحرحان وقد ... ظنّت هوازن أنّ العزّ قد(١) زالا
  مما قاله الشعراء في وقعة رحرحان:
  وفيها يقول مقدام أخو [بني(٢)] عدس بن زيد(٣) في الإسلام، وقتلت بنو طهيّة ابنا للقعقاع بن معبد، فتوادوا(٤) فأخذت بنو طهيّة منهم الفضل:
  وأنتم بنو ماء السماء زعمتم ... ومات أبوكم يا بني معبد هزلا
  وقال المخبّل السّعديّ يذكر معبدا:
  فإن تك نالتنا كليب بقرّة ... فيومك فيهم بالمصيفة أبرد
  هم قتلوا يوم المصيفة مالكا ... وشاط(٥) بأيديهم لقيط ومعبد
  وفيها يقول عياض بن مرثد بن أسيد بن قريط بن لبيد في الإسلام:
  نحن أسرنا معبدا يوم معبد ... فما افتكّ حتّى مات من شدّة الأسر
  ونحن قتلنا بالصّفا بعد معبد ... أخاه بأطراف الرّدينيّة السّمر
  /،
  وهذا يوم شعب جبلة:
  السبب في يوم جبلة:
  قال أبو عبيدة: وأمّا يوم جبلة، وكان من عظام أيّام العرب؛ وكان عظام أيّام العرب ثلاثة(٦): يوم كلاب(٧)
(١) في «ج»: «العر» بمهملتين. وفي «سائر الأصول»: «القر» والتصويب من «الأغاني» (ج ٥ ص ١٥ من هذه الطبعة). وفي «النقائض»: «أن ألغى».
(٢) الزيادة عن «النقائض».
(٣) في «أكثر الأصول»: «ابن يزيد» والتصويب عن «ج» و «النقائض».
(٤) في «الأصول»: «فتنادوا فأجابت». والتصويب عن «النقائض». وتوادوا أي دفع كل من الفريقين ديات قتلى الآخر.
(٥) شاط هنا: هلك.
(٦) كانت هذه الأيام كذلك لكثرة من كان فيها من المقاتلين.
(٧) كذا في «الأصول». وعبارة «النقائض»: «وكانت عظام أيام العرب ثلاثة أيام يوم الكلاب، ويوم ذي قار لربيعة، ويوم جبلة».
والكلاب: ماء لبني تميم بين الكوفة والبصرة، بين أدناه وأقصاره مسيرة يوم، أعلاه مما يلي اليمن وأسفله مما يلي العراق. وللعرب في الكلاب يومان عظيمان: الأوّل كان بين شرحبيل وسلمة ابني الحارث بن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار، وهو جد امرئ القيس الشاعر. وذلك أن الحارث كان قد فرق أولاده ملوكا على القبائل. فلما مات تفاسد ما بين القبائل، فوقعت حرب بين ابنه شرحبيل ومعه بكر والرباب وبنو يربوع، وابنه سلمة ومعه تغلب والنمر وبهراء، فقتل شرحبيل يومئذ وانهزمت شيعته.
وأما يوم الكلاب الثاني فإن بني تميم كانوا أغاروا على لطيمة (عير تحمل طيبا) لكسرى؛ فأوقع بهم كسرى بهجر حتى وهنوا؛ ويقال لهذا اليوم يوم الصفقة. فخشيت تميم أن تغير عليهم القبائل لما صاروا إليه من ضعف، فتشاوروا فيما بينهم فرأوا أن يلتجئوا إلى الكلاب ليستجموا فيه، وهم آمنون أن تقطع إليهم الصحاري التي دونه إذ كان الوقت قيظا. فرآهم في هذا المكان من دل بني الحارث بن عبد المدان عليهم، فجمعوا لهم، فكان بينهم ذلك اليوم المشهور الذي انتصرت فيه تميم على المغيرين عليها. وفي هذا اليوم أسر عبد يغوث ثم قتل، وقال في أسره قصيدته التي مطلعها:
أيا راكبا إما عرضت فبلغن ... نداماي من نجران أن لا تلاقيا