كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أبو دلف

صفحة 395 - الجزء 8

  فقال له النظَّام: إنما كلَّمتك بما سمعت وأنت عندي غلام مستحسن؛ ولو علمت أنّ محلَّك مثل محلّ معمر⁣(⁣١) وطبقته في الجدل لما تعرّضت لك. قال أبو الحسن: ومن هذا أخذ أبو دلف قوله:

  أحبّك يا جنان وأنت منّي ... محلّ الرّوح من جسد الجبان

  ومن جيّد شعره وله فيه صنعة قوله:

  صوت

  في كلّ يوم أرى بيضاء طالعة ... كأنما أنبتت في ناظر البصر

  لئن قصصتك بالمقراض عن بصري ... لما قطعتك عن همّي وعن فكري

  بلغه طروق الشراة وهو بالسرادن مع جارية له فأسرع لحربهم وردهم

  : أخبرني عليّ بن عبد العزيز الكاتب قال حدّثني أبي قال سمعت عبد العزيز بن دلف بن أبي دلف يقول: حدّثتني ظبية جارية أبي⁣(⁣٢) قالت: إنّي لمعه ليلة بالسّرادن⁣(⁣٣) وهو جالس يشرب معي وعليه ثياب ممسّكة، إذ أتاه الصريخ بطروق الشّراة أطراف عسكره؛ فلبس الجوشن ومضى فقتل وأسر وانصرف إليّ في آخر اللَّيل وهو يغنّي - قالت:

  والشعر له -:

  صوت

  ليلتي بالسّرادن ... كلَّلت بالمحاسن

  وجوار أوانس ... كالظَّباء الشّوادن

  بدّلت بالممسّكا ... ت ادّراع الجواشن

  الشعر لأبي دلف. والغناء له رمل بالسبّابة في مجرى البنصر.

  خرج مع الإفشين لحرب بابك فأراد قتله فأنقذه ابن أبي داود

  : وقال أحمد بن أبي طاهر: كان أبو دلف القاسم بن عيسى في جملة من كان مع الإفشين⁣(⁣٤) خيذر بن كاووس


(١) هو أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي من تيم قريش البصري النحوي العلامة. قال الجاحظ فيه: لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي أعلم بجميع العلوم منه. أقدمه الرشيد من البصرة إلى بغداد سنة ثمان وثمانين ومائة. (عن وفيات الأعيان لابن خلكان ج ٢ ص ١٥٤).

(٢) كذا في «الأصول». ولعله يريد: «جدي».

(٣) السرادن: موضع ببلاد فارس.

(٤) قد وردت هذه الكلمة في «شرح القاموس» بكسر الشين مضبوطة بالعبارة وفي «كتب التاريخ» مضبوطة بالقلم. وفي «شعر أبي تمام» ما يؤيده إذا قال يمدحه من قصيدة:

لم يقر هذا السيف هذا الصبر في ... هيجاء إلَّا عزّ هذا الدّين

قد كان عذرة مغرب فافتضها ... بالسيف فحل المشرق الإفشين

وفي «رسالة الغفران» طبع مصر ص ١٦٦ ما يدل على أن ضبطه بفتح الشين وإسكان الياء. وهو أحد قوّاد المعتصم المقدمين وولاته، ولاه حرب بابك الخرّمي، ثم غضب عليه وحبسه مضيقا عليه ثم قتله. (انظر الطبري ق ٣ ص ١١٧٠، ١١٧٩، ١١٨٦، ١٢٣٤، ١٣٠٠، ١٣١٨).